مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك..
آلمتني رسالتك، خاصة شعورك باليتم كما وصفت، وما أراه يا عزيزتي أن هناك رفضًا هائلًا بداخلك لحالة والدك، على الرغم من أنه لا يد له في حدوثها ولا حيلة.
وهذا الرفض لن يحل المشكلة، ولن يشفي والدك فيتحول إلى والد حقيقي وجيد في علاقته معك ومع العالم من حوله.
هذا الرفض هو سبب كل مشاعرك، من حزن، واحباط، وقلق، وخوف، إلخ.
عزيزتي، لا شيء كـ "القبول" يمكنه أن يساعدك.
نعم، فالتسليم والرضى بقدر الله، والقبول النفسي لواقعك هو الحل المبدئي، هو المدخل لما سيأتي من بعد.
فأحيانًا يكون "الفقر" ، "المرض الجسدي"، هو الابتلاء، ولابد من القبول.
نعم، اسألي نفسك، ماذا لو كان والدك مريضًا بالسرطان؟ أو حدثت له حادثة تسببت في بتر قدمه وأصبح معاقًا؟ ماذا لو كان شخصًا فقيرًا معدمًا؟ ماذا لو كان مطلقًا لوالدتك ولا يتواصل معكم؟ إلخ الحالات المؤلمة التي كان من الممكن أن تعيشيها بسبب حالة والدك الصحية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، ما الحل حينها؟ المؤكد أن تذمرك ورفضك لن يحل شيئًا، وأدعوك للنظر حولك في أحوال الناس في المجتمع ستجدين كثيرات لديهن حالات مما ذكرت ل وربما أكثر صعوبة.
لم يكن حديثي هذا تسفيهًا لمعاناتك، بل على العكس، فأنا أقدر معاناتك تمامًا، لكن ما ذكرته هو خطوة على طريق الحل بتغيير طريقة التفكير في الحالة التي تعانين منها، فتغيير طريقة التفكير ونظرتنا للأمور تغير من مشاعرنا تجاهها وتصرفاتنا إزائها.
سيجعلك القبول يا عزيزتي متفهمة للحالة، متعاطفة مع والدك، وستعمل مشاعر المواجدة والتعاطف والتفهم على حلحلة الوضع وإشاعة شيء من الارتياح النفسي لديك، وازاحة الصراع من داخلك، وهذا مطلوب ومهم للغاية.
كل هذا سيجعلك قوية نفسيًا في مواجهة الحالة، وتداعياتها، فلن يصبح لديك مشاعر خجل من الناس، بل على العكس، ستجدين أن الناس سيتفهمون ويتعاطفون مثلك!
أرجو يا عزيزتي أن تدركي أنك لست وحدك المبتلاة، فكل الناس هكذا، كل لديه أزمته، ابتلاؤه، مشكلاته، فلا تتقوقعي على نفسك ظنًا منك أنك نشاز في هذا المجتمع.
هذا ما يتعلق بك.
أما والدك، فمدة تعاطيه العلاج وعدم تعافيه بحسب كلامك ولو بنسبة معقولة طويلة مما يثير الريبة، ويستدعي مراجعة طبيبه، أو طبيب آخر، لتغيير أدويته أو جرعاتها، وتلقيه علاجًا ذاتيًا إلى جانب الأدوية، فهناك مدارس للعلاج النفسي عبر الجلسات مهمة للغاية، وناجعة في حدوث الاتزان ولو بنسبة معقولة، فأرجو أن تبحثي في هذا، وتسألي عمن يقوم به حتى يخوض والدك رحلته الحقيقية مع التعافي النفسي.
أرجو أن يكون كلامي شافيًا لأسئلتك يا عزيزتي، فابدأي فورًا فيما ذكرته لك، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟اقرأ أيضا:
صديقتي تريد الانتحار وأهلها رافضون ذهابها إلى طبيب نفسي .. كيف أنقذها؟