يقول الروائي وكاتب القصص القصيرة والصحفي والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي: (إن أفضل لحظة للتعارف هي اللحظة التي تسبق الفراق )، هذه اللحظة برغم قسوتها ، إلا أنها من أصدق اللحظات .. الكل فيها يخلع الأقنعة التي نرتديها دائمًا والتي ولا كأننا نشعر بها أبدًا..
أقنعة طوال الوقت تضع حواجز بيننا وبين مشاعرنا الحقيقية .. ونوايانا الداخلية .. ضغوط مدفونة نغطي عليها بابتسامة .. أو بـ إيماءات تعطي معنى نعم، مع أن أصلها لا .. كلام كثير يقال لا يتفق مع الإحساس نهائيًا.. وكأننا نحاول أن نكمل على قناع ارتديناه منذ أول لحظات التعارف ..لكن لا نستطيع أن نكمل من دونه.. وحينها لا يكون الأمر كأنه تمثيل، وإنما أصبح شيء أساسي في حياتنا اليومية.
القناع الأول
هناك العديد من الاندفاعات والقرارات التي اتخذت على أساس القناع الأول والاحتياجات الأولى التي تنتهي، ولا يكون هناك سوى الاحتياجات الحقيقية التي لا ينفع معها أي أقنعة !.. هذه الاحتياجات الحقيقية هي أنت .. وبالتالي لا يجوز معها سوى معطيات حقيقية..
(خليني ساكت )!.. هذه الجملة تنتهي في هذه اللحظات.. لحظات الفراق .. لحظات ليس فيها أي سكوت .. ففجأة ترة نفسك تتعرف على حقيقة الناس، أو كأنك تتعرف عليهم من جديد .. لكن أكثر ما يؤلم حينها ربما ليس ذاته، قدر ما يوجعك سؤال .. من هؤلاء؟.. كأنها لحظات صادمة ووجعها مختلف وكبير جدًا، لأنه لاشك يترك أثرًا كبيرًا، لأنك ستعيش بعد ذلك مجروح ومصدوم، فضلا عن أنك ربما تتخذ قرارات صعبة أبرزها عدم معرفة هؤلاء مجددًا، أو كأنك كنت تراهم بقناع معين، والآن تم خلف هذا القناع نهائيًا، فظهرت الحقيقة العارية صادمة جدًا.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟لحظة هامة جدًا
هذه اللحظة لاشك مهمة جداً .. مهما كانت صعبة، لأنك حينها لابد أن (تفلتر) علاقاتك مع هؤلاء الناس.. ولابد أن تواجه نفسك بالحقائق الجديدة، فتعرف تحدد لكل واحد مساحته و دوره و وقته في حياتك .. وبناء عليه تصنف و تقرر .. هل ( تلصّم .. أو تكمل .. أو تتحمل .. أو تبعد ).. أي قرار يتلائم مع قدراتك ..لكن المهم أنها تكون فعلاً قدراتك الحقيقية .. وهنا يقول د.راتب النابلسي: ( الحقيقة المُرة خير ألف مرة من وهم مريح ).. لكن على الجميع أن يعووا جيدًا أنه لا يمكن أن يقع في ملك الله إلا ما أرده الله، والله تبارك وتعالى يقول: «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (النساء:19).