"الإساءة" كلمة بتنا نسمعها كثيرًا ولم تعد حبيسة كتب وأبحاث "الصحة النفسية"، وغالبًا يتطرق إلى الأذهان فور سماعها أنها تعني "العنف الجسدي"، كالضرب، والاعتداء الجنسي، بينما  يتسع معناها وحقيقتها لأبعد من هذا، فالإساءة هي الأذى والجرح النفسي قبل البدني، لذا غالبًا ما تنعت الإساءة بـ "العاطفية".

وللإساءة العاطفية أشكال متعددة، تقع من قديم الأزل وحتى وقتنا هذا ولا يلتفت أحد إلى أنها إساءة لا يجب قبولها أبدًا أو الرضى بها والاستسلام لوقوعها وفعلها، وهي كالتالي:

1- الإذلال DEGRADATION 

وهذه أشهر أنواع الإساءات العاطفية، وتظهر غالبًا بين الزملاء،  عندما يعاني زميل من أزمة نقص  تجده يتعمد السخرية أو الإسفاف على زميل آخر له، ، فيبدأ في التعامل  مع فكرة إهانته على أنها أمر مضحك أو مسلي، سواء لباقي المجموعة من الزملاء أو حتى آخرين من الغرباء، وبالطبع يكون الأمر قاسيًا للغاية إذا ما حدث بين شخصين تربطهما علاقة حميمية كالأخوات والأزواج، عندما يتعمد أحد الأطراف التهكم الجارح من الطرف التاني،  بينما من المفترض أنهم "روح واحدة"  لا تنقلب على نفسها أو تسيء إليها وتؤذيها.

2- التسلط DOMINATION 

وهي تشتهر بوجودها في الأسرة، وربما يتعامل معها البعض على أنها شيء "عادي" وطبيعي،  بينما لا توجد إساءة عاطفية أشد قسوة من فكرة إلغاء كيان الشخص والتحكم في قراراته تحت أي مبرر كان، فالإساءة هنا هي تجريد الإنسان من أبسط حقوقه.

اظهار أخبار متعلقة

 3- اللوم BLAMING 

وهذه تظهر في الإساءة بين الشركاء، خاصة  الشركاء عاطفيًا كالأزواج مثلًا، فتجد  زوج بدون أي منطق أو أحقية يرمي اللوم على زوجته بطريقة مؤلمة وقاسية أو العكس، لذا ففكرة لوم الآخر بمثابة إدانته بتهمة هو بريء منها، فقط لمجرد شعور الشخص بمشكلة ما داخله، فيقرر تحويل الطرف الآخر إلى متهم يستحق الحبس.

4- الإهمال NEGLECT  

والتجاهل، وهو أحد أشكال الإهانة الخفية، ويعتبر من أشد صور الاساءات العاطفية قسوة،  خاصة لو صدر عن شخص تقدر اهتمامه وحرصه عليك.

5- التورط ENMESHMENT 

وهو مصطلح مستحدث، خاصة في علم النفس، أول من قال به هو عالم النفس  Salvador Minuchin وقصد به  تورط الأشخاص في نسيج عائلي بدون أي صورة فردية ليهم، أو بمعنى آخر هو تعامل بعض الأهل أو أولياء الأمور مع أولادهم على أنهم  extension استكمال لهم أو امتداد لهم، وهنا لا يكون الأمر مجرد تسلط وإنما  محو كامل لكينونة الشخص ووجوده وفرادته وتميزه، وقد يحدث أحيانًا بين الأزواج عندما يعتبر الزوج زوجته امتدادًا له، تحكمها صفاتهن وأخلاقه، وقيمه، ومبادؤه، وصقافته، بدون أي وجود لشخصيتها وتميزها واختياراتها وقراراتها.

وتعد كل صور واشكال الإساءات العاطفية التي تم الحديث بشأنها، دلالة على هشاشة من يمارسها نفسيًا، وفشله في التعامل مع الآخرين بنضج نفسي، مما يجعله يستخدم هذه الأساليب المبتذلة،  وهذه الطرق المؤذية ليشعر بهيمنة مزيفة، وقيمة غير حقيقية لذاته.

وينصح الاختصاصيون من يتعرض لمثل هذه الإساءات العاطفية،  برفضها، وعدم الاستسلام  والتعبير عن الذات، واحترامها، فمن لا يحترم ذاته لن يحترمها الآخرون.

اظهار أخبار متعلقة