لماذا بات من سمات عصرنا الحالي أننا نخسر أعز الأصحاب والأصدقاء بمنتهى السهولة؟.. بداية علينا أن نعلم من هو أعز الأصحاب؟.. هل هو الصديق الذي تربى معنا منذ الصغر؟.. أم أنه الكتاب الذي نسيناه بالمرة، رغم أنه بالفعل وبإجماع الآراء أعز صديق وصاحب، وعنه يقول الإمام الجاحظ رحمه الله: «الكتابُ هو الجليسُ الذي لا يُطريك، والصديقُ الذي لا يُغْرِيك، والرفيقُ الذي لا يَمَلُّكَ».
فالقراءة مفتاح المعرفة وطريق الرقي، وما من أمة تقرأ إلا ملكت زمام القيادة وكانت في موضع الريادة، وانظر لحالنا حينما نسينا أعز الأصحاب وهو الكتاب، بينما لم ينسه العالم، فتقدموا هم، ونتأخر نحن، وسنظل كذلك، حتى نعود للصاحب الوفي والخليل الذي ينير لنا الطريق.
أمة اقرأ
للأسف نسينا أننا أمة اقرأ، وأن أول ما نزل على قلب نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»، بل ننسى أن الله عز وجل امتن على عباده بنعمة القلم والكتابة، وذكر بها بقوله سبحانه: « ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ » (سورة القلم، الآية: 1)، ونسينا أن الكتاب هو خير صديق لأنه يربي فينا كل خير وأطيب صفات، ويمنحنا الثقة في أنفسنا، بل ويقودنا إلى النور، ويخرجنا من ظلام الجهل، ونسينا أن نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم كان يحث على العلم أينما راح أو جاء، بل أن طلب العلم فريضة على كل مسلم، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، لذلك أيده ربه في ذ2لك بقوله تعالى: قال تعالى: « وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا » (طه: 114).
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟من يحبه الله
عزيزي المسلم، من يحبه الله يفقه في الدين، وبالتالي من يريد أن يتفقه في الدين فعليه بالقراءة ومصاحبة الكتاب، فقد جاء في السنة النبوية المطهرة أهمية الحث على العلم وطلبه، والتفقه في الدين ومعرفته، ولا مفتاح لكل ذلك إلا بالقراءة والتلقي للعلوم.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين في حديث معاوية رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من يرد الله به خيرًا، يُفقهه في الدين»، وجاء أيضًا في الحديث الشريف، بل أن طريق العلم هو نفسه طريق الجنة، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة»، والأهم من هذا ومع هذا كله، أن القراءة مطلب شرعي رباني، فعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواءً، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سنًا، ولا يؤُمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرِمته إلا بإذنه».