كانت أحوال الصادقين في الموقف بعرفة تتنوع، فمنهم: من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء، ومنهم من لم يتحمل هيبة الموقف فمات بعرفة.
خوف العارفين:
1-وقف مطرف بن عبد الله بن الشخير وبكر المزني بعرفة فقال أحدهم: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي.
وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيهم.
2- وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال: واسوأتاه منك وإن عفوت.
3- وقال الفضيل أيضا لشعيب بن حرب بالموسم: إن كنت تظن أنه شهد الموقف أحد شرا مني ومنك فبئس ما ظننت.
4- ودعا بعض العارفين بعرفة فقال: اللهم إن كنت لم تقبل حجي وتعبي ونصبي فلا تحرمني أجر المصيبة على تركك القبول مني.
5- ووقف بعض الخائفين بعرفة فمنعه الحياء من الدعاء فقيل له: لم لا تدعو؟ فقال: ثم وحشة فقيل له: هذا يوم العفو عن الذنوب فبسط يديه ووقع ميتا.
6- وقف بعض الخائفين بعرفات وقال: إلهي الناس يتقربون إليك بالبدن وأنا أتقرب إليك بنفسي ثم خر ميتا.
7- كان أبو عبيدة الخواص قد غلب عليه الشوق والقلق حتى يضرب على صدره في الطريق ويقول: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه وكان بعد ما كبر يأخذ بلحيته ويقول: يا رب قد كبرت فاعتقني ورؤي بعرفة وقد ولع به الوله.
رجاء العارفين:
1-ومن العارفين من إن بالموقف يتعلق بأذيال الرجاء قال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالا؟ قال: الذي يطن أن الله لا يغفر لهم.
2- وروي عن الفضيل أنه نظر إلى تسبيح الناس وبكائهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء ساروا إلى رجل فسألوا دانقا ـ يعني سدس درهم ـ أكان يردهم قالوا: لا قال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق.
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةمحاذير وعوائق المغفرة:
وليحذر العبد من الذنوب التي تمنع المغفرة في هذا اليوم والعتق، فمنها:
1-الاختيال ، فعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما يري يوم أكثر عتيقا ولا عتيقة من يوم عرفة لا يغفر الله فيه لمختال".
2- الإصرار على الكبائر فروى عن أحد العلماء يدعى يونس بن عبد الأعلى أنه حج سنة فرأى أمير الحاج في منامه: أن الله قد غفر لأهل الموسم سوى رجل فسق بغلام فأمر بالنداء بذلك في الموسم.
3- وروى ابن أبي الدنيا وغيره أن رجلا رأى في منامه أن الله قد غفر لأهل الموقف كلهم إلا رجلا من أهل بلخ فسأل عنه حتى وقع عليه فسأله عن حاله فذكر أنه كان مدمنا لشرب الخمر ليلة وهو سكران فعاتبته أمه وهي تسجر تنور فاحتملها فألقاها فيه حتى احترقت.