بقلم |
محمد جمال حليم |
الاثنين 02 يونيو 2025 - 01:45 م
ها هي الأيام العشر الأُول من شهر ذي الحجة تمر فيوم يتلو يوما يفوز فيها من أطاع الله وحرص على رضاه ويخسر من عاشها دون تفكر عاشها في تفريط ولم تفرق معه مجيئها من عدمه. وإذا كان شهر رمضان شهر الطاعة فهذه الأيام العشر الأُول من ذي الحجة تمثل أفضل أيام العام ، ومن أفضل الأعمال فيها الحرص الصايم الذي يزكي القلب ويطهر النفس من أمراض القلوب ويجعل القلب خاشعا لله منكسرًا له؛ لا سيما إن دعاء الصائم لا يرد ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة الدعاء حال صيامكم وعند فطركم وفي جميع أوقاتكم، ورغبكم في ذلك حين أخبر أن دعوة الصائم مستجابة وأنها لا ترد.. وجاء في الحديث أنه قال: (ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم) (صحيح الترمذي).
الدعاء في العشر الأول من ذي الحجة: الدعاء بصفة عامة في كل الأيام مستحب فهو يدعم علاقة الأرض بالسماء وتستمد به من الله النفحات وتستقوي به على عاداه وتستنصره على من ظلمك وأذاك ولذا فللدعاء منزلة كبيرة في الإسلام قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أستجب لكم إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر:60)، وقال: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ}(النمل:62)، وقال: {وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين}(الأعراف:56)، و قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الدعاء هو العبادة)(رواه أحمد)، وقال: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)(رواه أحمد والترمذي وابن ماجه). وإذا كان الدعاء مستحبا في كل الأوقات فهو في الأوقات الفاضلة أشرف وأرجى للقبول وليس أكرم على الله من هذه الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة فأكثروا من التذلل بين يدي الله.. واعلموا أن الموفق كل الموفق من وفقه الله للدعاء، وفتح له أبوابه، ويسر له أسبابه، ووجه له قلبه، وحرك به لسانه. وأن المخذول كل المخذول من صرف عن الدعاء وأعرض عنه كبرا، أو زهدا فيه، أو جهلا بقدره.
الدعاء وأنت صائم: ومما يندب فعله يرجى استجابته أيضا أن تدعو وانت صائم في هذه الأيام ففي الحديث أنه قال: (ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم)، فأكثروا من دعاء الله بقلوب حاضرة ضارعة، وفي أوقات الإجابة، عند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ودبر الصلوات، وعند السحر، ونزول المطر، وعند الإفطار، وحضور القلب. وتخيروا من الأدعية أكملها وأجملها وأشملها، وهو ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا به المرسلون، وما علمه النبي لأصحابه والمسلمين. ولهذا كله وغيره كان عمر رضي الله عنه يقول: "إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم السؤال"؛ لعلمه أنه حيث كان الدعاء فالإجابة معه. ادعوا ربكم وأكثروا: فإنه سبحانه جواد كريم يحب الجود والكرم، وهو الذي ينادي علينا في كل ليلة حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: (مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟)(رواه البخاري).
بماذا أدعو الله في هذه الأيام: الدعاء كما مر مفتاح عبورك لله تظهر فيه انكسارك لذا فهو عبادة من أسمى العبادات تناجيه تطلب منه في أدب تستعطفه تسأله أن يحقق لك ما تتمناه وأن يصرف عنك السوء .. كل منا له حاجات كبيرة وأماني عريضة وهذه الأيام المباركات استعن بالله على تحقيقها بالدعاء لا سيا إن كنت صائما أما لك حاجات تريد أن يحققها الله لك؟ عمل جيد، وظيفة مرموقة، زوجة مواتية، ولد صالح يقر الله به عينك في الدنيا والآخرة. ادعو لأهل بيتك زوجتك وأولادك أمك وأبيك أما لك زوجة تريد من الله أن يصلحها، أو ولد ترجو الله أن يهديه، أو أحد مريض تريد من الله أن يشفيه، أو قريب فقير تسأل الله أن يغنيه، أو صديق أو جار له حاجة تتمنى على الله أن يقضيها له. ادعو بسعة الرزق وألا تكون مريضا أما تحب أن يوسع الله رزقك، ويعافي لك بدنك، ويشرح لك صدرك، ويحط عنك وزرك، ويرفع بين العالمين ذكرك وقدرك، ويحفظك من شرور الدنيا والآخرة. ادعو الله بتفريج هم المسلمين ورد المسجد الأقصى للمسلمين فتدعو ربك أن ينصرهم، وترى استعلاء الكافرين فتدعو ربك أن يقصمهم ويخذلهم، وان يصلح حال المسلمين ويبدل ما هم فيه من الذلة والخزي إلى العزة والتمكين والنصر. أدعو أن يوفقك فيها للطاعة وأن يتقبلها منك .. ادع بما شئت فخزائنه لا تنفد أبدا وهو يحب سماع هذا منك فاحرص عليه.