عزيزي المسلم، حينما تريد أن تقرر أمرًا ما، حينها يكون قلبك يريد، وبكل تأكيد يكون أيضًا عقلك على علم بما يريده قلبك.. لأنه ليس بالسهل على الإطلاق وأنت تقرر ..أنك تستطيع أن تسير وراء عقلك فقط وتمنع قلبك .. ليس من السهل أبدًا أن تتخذ خطوات في حياتك أو قرار ما وتسعى فيه بكل حسم و لا تعمل أي اعتبار لقلبك !..
فبرغم أن وجع القلب ليس هين لكنه وجع لا يمكن مقارنته بوجع أكبر لكنه مؤجل .. وهو لو لم تطع عقلك !.. الحياة بكل ما فيها لابد ألا تخلو من الآلام .. الفكرة كلها أننا نحاول ونجتهد لأن نقلل قدر الألم و نختار أنسب توقيت .. لكن في النهاية هي كلها اختياراتك، لكنها تحت منظومة أقدار الله و تدابيره ومن ثم غير مطلوب منك سوى السعي بالتقوى ..
خطوات السعي
مما لاشك فيه أن ( القرار ) هو من أهم خطوات سعيك !.. لكن عليك الثقة في أمر ما، وهو الوقت الذي ستتحكم فيه في تعلق قلبك و سيطرته على قرارك .. فهو بداية ترويض كل شيء بداخلك.. لذلك اعلم أن هذه هي بدايات التسليم ..حينها فقط ستستوعب أن مشاعرك وكل ما تريده شيء، وأن الخير و الشر شيء آخر تمامًا، قال تعالى يوضح ذلك: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
كل هذا يحدث لك من دون بصيرة ، لن يحدث أبدًا.. لأنه ببساطة لا العقل قدراته تستطيع أن تحسم كل الأمور وحدها .. ولا القلب مضمون في اختياراته.. لذلك كان من داء الصالحين: «اللهم أرنا بنور بصيرتك ما خفي عنا .. وأعنا عليه .. وارزقنا حكمة القرار و أربط على قلوبنا بلطفك يا رب العالمين».
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟نور البصيرة
لذا ترى كل الأنبياء والصالحين، يسألون الله عز وجل نور البصيرة، لأنها هي التي توقف تحكمات القلب، وتمنح العقل شفافية في حرية الاختيار، فلا يقع في أي خطأ، قال تعالى: «قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» (الأعراف:203)، وما ذلك إلا لأن البصيرة إنما هي بينة من الله عز وجل لكل شيء، قال تعالى: «قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي» أي على بصيرة من شريعة الله التي يوحيها للعبد.. وهنا يكون النجاح في الجمع بين عاطفة القلوب وحكمة العقل.