مرحبًا بك يا عزيزتي..
أحييك لوعيك ورغبتك التي تبدو من خلال رسالتك، وتعبيرك عن المشكلة، "صادقة" ومتفهمة لضرورة تواصل الأب، ورعايته لأبنائه على الرغم من وقوع الطلاق، إذ أنه يخص العلاقة الزوجية وفقط ولكن علاقة الوالدية لابد أن تستمر وبشكل يتمتع بالاتزان والسواء إلى أقصى قدر ممكن من أجل مصلحة الصغار.
موقفك الحالي أتفهمه جيدًا، وأتقدر تمامًا معنى أن تتولى أم تربية الأطفال وحدها بعد الطلاق لخذلان الأب وتبنيه موقفًا غير مسئول هكذا.
ما يحدث هو خلط للأوراق بالطبع، وابتزاز غير مجدي، وعدم تفهم لدور الأبوة والوالدية السوية، فبدلًا من أن يهرع الأب لاستمرار علاقته بالأطفال، والبناء عليها وتمتينها، ودعمهم، وتقديم الحب والحنان والاهتمام، يفعل ما يفعل، وهو تواجد مسيء وغير صحي في حياة الأبناء بالطبع، ضرره أكبر من أي نفع متخيل.
وبنظرة واحدة للوضع الآن سيرى الجميع أن تشخيصه الوضع هو معاناة الأطفال من فقد أبيهم، وبرغية أبيهم، وبكل أسف.
إذا المشكلة ليست عندك، ولا عند الأطفال، فلا تحملي نفسك ولا أطفالك، ألم ولا عبء، ولا حل لمشكلة ليس أحد منكم طرفًا في إيجادها وافتعالها.
إذا ماذا نفعل؟
علميًا، وواقعيًا، يمكن التغلب على ألم سببته علاقة مسيئة أو سامة بواسطة علاقة صحية، ولأن المهم الآن هو صحة أطفالك النفسية، فلابد من الاهتمام والحرص على تعافيهم من آثار علاقة سيئة مع الأب بسبب هذا الفقد المتعمد من قبله، بإقامة علاقة مشبعة وصحية معك أنت كأم، ومع أحد الرجال العائلة الثقات كالخال أو الجد كبديل عن صورة الأب الرجل، وإن لم يتواجد فلا بأس، ليس هذا نهاية العالم، ولا يعني ضياع أطفالك، فالأم تبقى الأساس، لذا التفتي لنفسك، ومواقفك، وتربيتك، وعلاقتك الصحية معهم كما أشرت سابقًا.
هذه حلول عاجلة.
وعلى المدى الطويل، افسحي المجال لوالد أطفالك للتواصل معهم عندما يعود إلى صوابه ، وتذكري أن هذا هو حق اطفالك قبل أن يكون حقه.
وأخيرًا، لا تكذبي على أطفالك، تعاملي مع الأمر مع كل طفل بحسب سنه ومدى وعيه وإدراكه، ولا تخشي عليهم من الألم بسبب معرفتهم السبب الحقيقي لعدم تواصل والدهم معهم، ويمكنك الاستعانة بمتخصصة نفسية لمساعدتك في هذا الشأن حتى يمر بسلام، وحتى يتعلم أطفالك مبكرًا كيف يتعاملون مع مشاعرهم السلبية، المؤلمة، فهذا من ضروريات العيش في هذه الحياة، فأنت لست حارس بوابة لمشاعر أطفالك، فهم بشر، وسيتعرضون لما يتعرض له البشر، مادموا على وجه الحياة بأكدارها، وحادثاتها، لن تجنبيهم شيئًا من ذلك مهما فعلت، فدعيهم ينضجون، ويتعلمون، ويعرفون كيف يتجاوزن محن الحياة، ورب ضارة نافعة.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.