عزيزي المسلم، تعال بنا نضع حسبة بسيطة غريبة، ربما لم يعتدها أحد البتة من قبل، ما رأيك لو حسبنا عدد المرات التي كنت فيها في المسجد من بداية الصلاة؟.. هل سيكون الرد: (كثير) ولا أتذكر لأن معتاد على ذلك.. أم (متوسط)، لأنك أحيانًا كثيرة تصل المسجد بعد تكبيرة الإحرام أو في الركعة الثانية أو الثالثة.. أم (قليلاً) لأنك تعودت ألا تصل المسجد بالأساس في أول وقت الصلاة؟.. اختر من تكون فيهم.. لكن تنبه قليلاً، فالأمر جلل.. والفضل عظيم لمن يلحق بالصلاة في أولها.. والعكس صحيح.. فلو كنت ممن يحافظ على الصلاة في وقتها فاستمر، أما لو كنت غير ذلك، فراجع نفسك، فالفرص تمر ولا تتكرر.
أفضل الأعمال
تخيل عزيزي المسلم، أن أفضل الأعمال إلى الله عز وجل، هي الصلاة في وقتها، بل هي الأهم على الإطلاق، ومع ذلك أنت تتركها لوقتها، وتؤجلها لأنك تعمل أمرًا ما لا يمكن أبدًا أن يقاس بفضل الصلاة مهما كان.
في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «الصلاة لوقتها وبر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله»، بل أنه بالحفاظ على الصلاة لوقتها، توجب الجنة بكل تأكيد لمن يفعل ذلك، فقد روى أحمد بسند حسن عن حنظلة الكاتب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة أو قال: وجبت له الجنة أو قال: حُرِّم على النار».
وكان السلف يعزون من لا يدرك تكبيرة الإحرام، وقد وقع أن بعضهم خرج إلى حائط له -يعنى حديقة نخل- فرجع وقد صلى الناس صلاة العصر، فقال: إنا لله! فاتتني صلاة الجماعة، أشهدكم على أن حائطي على المساكين صدقة.
وقال بعض السلف: ما فاتت أحدًا صلاة الجماعة إلا بذنب أصابه. وقد كانوا يعزون أنفسهم سبعة أيام إذا فاتت أحدهم صلاة الجماعة، وقيل ركعة، ويعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى مع الإمام.
اقرأ أيضا:
هل يقف الإسلام وراء جرائم الدفاع عن الشرف؟ وما هي ضوابط إقامة حد الزنا؟أول الحساب
ليس الأمر فقط يتوقف عند فضل بدء الصلاة في وقتها، وإنما أيضًا هي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة، فقد روى الترمذي وحسنه وصححه الألباني عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيءٌ قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك».
والصلاة هي أحب الأعمال إلى الله عز وجل، فكيف بنا نترك أحب الأعمال إلى الله؟.. فقد روى مسلم عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله فسكت ثم سألته فسكت ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان».