مرحبًا بك يا عزيزتي..
لاشك أن الطلاق يمثل "صدمة" كبيرة، وعميقة للطفل، أي طفل ، وليس ابنك فقط.
هذا الحادث الصادم للطفل يزداد أثره السيء كلما كان تعامل الوالدين مع الأمر سيء، والآن سآخذك في رحلة لتتعرفي عما يحدث للطفل، وما حدث لولدك.
فطفلك، فجأة، وجد نفسه في ظروف لم يختارها، ولا يريدها، وهو في الوقت نفسه غير قادر على تغييرها، ومن أختار هذه الظروف القاسية عليه هما أقرب الناس إليه "أبوه" و"أمه"!
أظنك الآن تخيلت شكل الصراع الدائر في داخل طفلك.
هذه الدائرة المفرغة يا عزيزتي يدور فيها طفلك، تدور معها "مشاعره" طوال الفترة التالية للطلاق، وهي مرحلة شديدة القسوة ، يستطيع بعض الأطفال "تجاوزها" ولكن هذا مشروط بوجود أشخاص بالغين ، راشدين، ناضجين نفسيًا حوله يساعدونه على هذا التجاوز والعبور الآمن للأزمة.
فهل في محيط طفلك مثل هؤلاء، ومنهم، بل في مقدمتهم، أنت، ووالده؟!
عدم تصديق طفلك للحدث الصادم، هو مرحلة من مراحل الصدمة تسمى بـ"الانكار"، يبقى خلالها لديه "أمل" في الرجوع، وازاحة هذا الكابوس، تتملكه مشاعر "الخوف"، " الحزن"، "الفقد"، وربما الشعور بالرفض أو الذنب.
وبعد الانكار تأتي مرحلة الغضب، وفيها يلوم الطفل أحد الوالدين أو كليهما، وهو ما فعله ولدك معك، ومن المتوقع أن يشعر بالعجز لأنه أمله لم يتحقق، ولم يستجب أحد لرغبته في عودة الأسرة، وقد يبدأ في مرحلة "المساومة"، ببذل جهده الخاص للم شمل الأسرة، وهذه المرحلة تتخذ أشكالا مختلفة، قد يكون بالتحايل، أو التعبير بالكلام، أو إساءة السلوك للفت الانتباه، والعناد بعنف، وصولًا لمحاولة الانتحار في الحالات المتطرفة.
فشل مساومات الطفل تزيد من غضبه لا محالة، وفي هذه المرحلة يكون مستنزف المشاعر لأقصى درجة، قد تعمق غضبه في الداخل، وخوفه، وشعوره بعدم الأمان، والوحدة، وتقلب المزاج، ويزيد الطين بلة لو كان الطفل على مشارف المراهقة أو فيها بتقلباتها وتغييراتها النفسية والجسمانية والعقلية العنيفة.
لذا، مهمتك ليست سهلة يا عزيزتي..
وضعك ووضع طفلك ليس هينًا..
مهمة غير سهلة ووضع غير هين، لكنه ليس نهاية العالم، بل كل السبل متاحة للتجاوز والتعافي.
أنت رمانة ميزان حياة أبنائك، كما تكونين سيكونوا، وأقصد حالتك النفسية، وتعافيك من آثار الطلاق وصدمته، وقوتك النفسية، وقبولك للواقع.
طفلك في حاجة ماسة للقبول، والحب غير المشروط، والرعاية، والحنان، والاهتمام، والعطاء، منك ومن أفراد العائلة، الخالات والأخوال والأعمام والعمات والأجداد والجدات.
طفلك في حاجة ماسة للإحتواء، والانصات لكلامه مهما كان حديثه لا يعجبك.
طفلك في حاجة لعلاقة "آمنة" معك، يبكي، وينتحب، ويغضب، ويتحدث، ويرفض، ويتهم، يفعل هذا كله، كل ما يريده، ويعبر عن مشاعره، ويجد في المقابل "تفهم" و"قبول" و"احتواء".
هذه هي مهمتك، وهذا هو الحل، وأرجو أن يوفقك الله للقيام به، وعدم التردد في طلب مساعدة نفسية متخصصة إن استلزم الأمر.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
أصبت بالاكتئاب بعد وفاة أمي وتعالجت لكنني انتكست .. ما العمل؟اقرأ أيضا:
والدي يقول لي أنني ملكية خاصة به وأجبرني على خدمته منذ طفولتي.. ما الحل؟