أنزل الله تعالى القرآن كتابا حاكما خاتما جامعا وأودعه أسرار الإعجاز وبيان الشريعة ففيه نبأ ما قبلنا وحكم ما بيننا من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن دعا ؟إليهه فقد دعا إلى صراط مستقيم.
وقد تعبدنا الله تعالى بالإيمان بهذا الكتاب الجامع بقراءته وتدبر والعمل به حتى لا نقع تحت طائلة قوله تعالى: "يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورًا".
أركان الإيمان بالقرآن:
ومن المعلوم شرعًا أن العمل بالقرآن واجب على كل مسلم ومسلمة، كما أن الواجب على المسلم أن يحقق أركان الإيمان بالقرآن الكريم حتى يفوز في الدنيا والآخرة، ولكي تكون مؤمنا بالقرآن بالشكل الذي يرضاه الله لابد أن تحقق أركان الإيمان بالقرآن وقد بينتها الأمانة العلمية بسؤال وجواب فقال أن تصدق بكل ما ورد فيه من أخبار، ويحل ما أحله ويحرم ما حرمه، ولا يشك في شيء من ذلك، ولا يكره شيئا مما شرعه قال الله تعالى:( وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) محمد (8 – 9)، وأن يعمل بأوامره قدر استطاعته ويجتنب نواهيه فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري.
وتذكر أن السّنة فصلت أوامر القرآن وبينت الواجب منها والنافلة، فإذا اقتصر المسلم على الواجبات مع اجتناب المحرمات فقد فاز فعن طَلْحَةَ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ، قال: ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَصِيَامُ رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟، قَالَ: لاَ، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ ) رواه البخاري .
الاجتهاد في تلاوة القرآن وتدبره:
ومن أركان الإيمان بالقرآن الكريم أيضا الاجتهاد في تلاوته بتدبر، والفرض في تلاوته، هو ما تعلق بالصلاة، وأما خارجها فالأمر فيها واسع، لكن على قارئ القرآن أن يتعاهده يوميا ولا ينشغل عنه إلى حد نسيانه، فهذا أمر عدّه جمع من أهل العلم من الذنوب؛ فقارئ القرآن هو كسائر الناس معرض للعقوبة إن ترك واجبا أو فعل محرما، لكن إن خالف بترك الواجبات أو فعل المحرمات، فمخالفته أشنع لقوة الحجة عليه وكونه قد أكرم بالقرآن فلم يشكر هذه النعمة.