الشيطان مثل مهاجم كرة القدم الذكي والهداف، لا يفوت فرصة يجد فيها حارس المرمى دون دفاعه، حتى ينفرد به، محرزا هدفه الذي كان يخطط لتسجيله، فكلما رأى الشيطان الفرصة وتحين للانفراد بك، في غفلة من وسائل الدفاع التي تعينك عليه، أحرز هدفا جديدا، حتى يصل بك إلى وضع الأهداف من أي منطقة خارج منطقة الجزاء، لطالما ضعفت ملكاتك واهتزت قوتك وثقتك في نفسك، وخارت وسائل دفاعك كالمريض الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرًا.
والحالة الوحيدة التي ينفرد به االشيطان بالمخلوق، هي حينما يكون المخلوق بعيدا عن الخالق، فخط الدفاع الوحيد والحقيقي لعدم انفراد الشيطان بالإنسان هو مدى قربه من الله سبحانه وتعالى، فالشيطان مخلوق والإنسان مخلوق مثله، وحينما يخلو المخلوق بالمخلوق حال ابتعد أحدهما عن الخالق، فلن يجد المخلوق من يعينه على المخلوق، إلا بمقدار قربه من الخالق.
وقد ضرب الإمام محمد متولي الشعراوي، المثل في ذلك ولله المثل الأعلى بطفل صغير مع أبيه، فشرد عن أبيه، فقام الأطفال بضربه، فسارع إلى أبيه يحتمي به، فابتعد الأطفال عنه، لأنه في الأول كانت قوة الصبي مع قوة الصبي.. قوة من استعاذ بالصبي.. فإذا تركت نفسك للشيطان ينفرد بك، أما استعذت بالله فيمنعه عنك.
كيف تؤمن وسائل دفاعك ضد الشيطان؟
لعلك سمعت يوماً حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصه: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه -طرقه- كلها).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :(إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية).
وفي كتاب الله عز وجل تجد كيف يتحين الشيطان فرصة الانفراد بنا وكيف نتغلب عليه حينما قال الله تعالى: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير )) [فاطر:6].
وهناك عشرات الآيات والأحاديث التي تبين لنا مدى حقد الشيطان وكراهيته للمسلمين وحرصه على أن يحرز أهدافه فينا، بحسب ما أقسم عليه الشيطان حينما طرده الله من رحمته: " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) سورة الأعراف.
وحرص الشيطان على إفسادهم وإضلالهم، وهذا كله يجعلك في غاية الانتباه واليقظة؛ لأن عدوك أقسم بعزة الله على أن يفسد الناس جميعاً ويوقعهم فيما حرم الله، وها أنت الآن قد استجبت له وضحك عليك وصرفك عن الحق والطاعة، وجعلك مطيعاً له في معصية ربك ومولاك، ولذلك كلما تبت وتوقفت عن المعصية وصممت على عدم العودة إليها جاءك، وضحك عليك وأوقعك مرةً أخرى في معصية حبيبك وربك ومولاك.
اقرأ أيضا:
وإن سألوك عن السعادة؟.. قل هذا مفتاحهالماذا ينفرد بك الشيطان؟
السبب الرئيسي في ذلك أنك لم تنتبه لتذكير الله لك بعداوة الشيطان وكيده ومكره بك، وهذه التصرفات التي تفعلها كلها من إغواء الشيطان وكيده أن يدمرك ويضيع وقتك في معصية الله، ويصرفك عن الله، حتى تتحول إلى مسلم بائس يائس فاشل لا تستطيع أن تجد قوت يومك أو أن تعيش عيشة هنية.
كيف تطرد الشيطان من حياتك؟
1- الدعاء والإلحاح على الله أن يثبتك على الحق وأن يرد عنك كيد الشيطان.
2- ابحث لك عن صحبةٍ تقضي معها غالب وقتك وتذاكر معها، وتتفق معها على عمل برامج إيمانية تقوي قلبك وعزيمتك وتربطك بربك.
3- أخرج كل مايقربك من الشيطان في غرفتك الخاصة، سواء كان جهاز كمبيوتر يعينك به الشيطان على المعصية، ولا تذهب إلى الأماكن التي تعرض فيها هذه الأشياء ولا تمر من طريقها.
4- غير أصدقاءك الذين يساعدونك على الوقوع في المعاصي فالصاحب ساحب.
5- ضع لنفسك هدفا للعمل الصالح من تطوير إمكاناتك، وأضف إليه برنامجاً رياضياً، ووقت للقراء الحرة خاصة حفظ القرآن الكريم.
6- لا تجلس وحدك قدر الاستطاعة؛ حتى لا ينفرد بك الشيطان فيتغلب عليك ويفسد عليك توبتك.
7- سل والديك الدعاء لك باستمرار فإن دعاء الوالد لولده لا يرد.
8- حافظ على صلاة الجماعة، ولا تتخلف عنها إلا لعذر شرعي.
9- أهم شيء الإرادة القوية والعزيمة الصادقة، فلا تضعف ولا تحتقر نفسك؛ لأنك الوحيد القادر على رد هجمات الشيطان وهزيمته، فتوكل على الله وأري الله من نفسك خيراً .