عزيزي المسلم، هناك اختبار واجب عليك أن تقوم به، وهو أن تكشف عن قلبك، لترى هل تغير بعد رمضان أم لا، هل مازال على العهد الذي كان عليه طوال الشهر الفضيل، هل مازال محافظًا على الصلوات في وقتها، وخصوصًا صلاة الفجر؟.. أم أن الأيام أخذته ودارت به الدنيا دورتها ليلف فيها دون هدف، متصورًا أن أسمى هدف هو العمل أو الدراسة، وينسى دوره الأساسي كعابد لله عز وجل.. كيف لك أن تتذوق طعم قيام الليل ثم تنساه.. وكيف لك أن تعيش أجمل الأيام مع الله وبين يديه سبحانه، ثم تبتعد فجأة.. ألم تشتاق إلى المصحف؟.. أنسيت كيف كان قلبك يحب الأنس بالله؟.. هل فاتك كل ذلك وأخذتك الدنيا بزخرفها؟.. عزيزي المسلم راجع نفسك ولو قليلا.
المسلم الحقيقي
المسلم الحقيقي هو من يعبد الله في كل وقت وليس في موسم رمضان فقط، وعلى المسلم أن يدعو الله بالثبات على طاعة الله في كل وقت، ويكثر منه بعد رمضان، كما علمنا ربنا، فقال: « رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ » (آل عمران: 8)، ورسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الدعاء بالثبات، فقد سُئلت السيدة أم سلمة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: «يا مقلب القلوب، ثبّت قلبي على دينك»، قالت: فقلت: يا رسول الله، ما لأكثر دعائك: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك؟ قال: «يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله، فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ».
اقرأ أيضا:
"إلي مثواه الأخيرة " خطأ شرعي فتجنبه ..لهذه الأسبابالثبات دليل حسن الخاتمة
عزيزي المسلم، ألم تدري أن الالتزام والثبات بما كنت عليه في رمضان، لهو أكبر دليل على حسن الخاتمة، إذ يقول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: « إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » (فصلت: 30)، كما أنها ملخص الرسالة، ورسالة السلامة، عندما يأتي أحد الصحابة فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فيجمع له صلى الله عليه وسلم الإسلام في كلمة، هي «الاستقامة»، فعن سفيان بن عبدالله الثقفي، قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال: «قل: آمنت بالله، ثم استقم».