بقلم |
أنس محمد |
الثلاثاء 18 فبراير 2025 - 04:36 م
حرّم الله عز وجل انتهاك أعراض المسلمين، وجعل حرمة عرض المسلم عظيمة، وليس أعظم ذنبا على الإنسان من أن يخوض مع غيره في عرض النساء، قال الله تعالى في سورة المدثر: "عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45)".
وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس، فقال: ((ألا تدرون أي يوم هذا؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: ((أليس بيوم النحر؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((أي بلد هذا؟ أليست بالبلدة الحرام؟)) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت)) قلنا: نعم، قال: ((اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فإنه رب مبلغ يبلغه لمن هو أوعى له)).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه).
فحمى الإسلام الأعراض وصانها، وحرم الاعتداء عليها بالإيذاء أو النظر أو القذف، وجعل من يُقتل دفاعاً عن عرضه شهيداً، أو بمنزلة الشهيد، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((و من قتل دون أهله فهو شهيد)).
"والعرض: موضع المدح والذم من الإنسان، سواء كان في نفسه أو سلفه". ومنه قول حسان بن ثابت، وهو يذب عن عرض النبي -صلى الله عليه وسلم-:
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاءُ
وتوعد الله سبحانه وتعالى الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، بالعذاب الأليم، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}(النور).
وقد لعن الله الذين يتكلمون في أعراض الناس، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(النور ).
وأمر الله أن يُجلدوا ثمانين جلدة ما لم يأتوا بأربعة شهداء، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(4) سورة النور.
من كان منكم بلا خطيئة
وروت أحد الأناجيل عن عيسى عليه السلام قوله: (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر)، وذلك في قصة امرأة متهمة بالفاحشة، وأرادوا رجمها، وأرادوا أن يحرجوا المسيح بأن يشارك هو في رجمها، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى (عليه السلام). فقال لهم تلك العبارة، لما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر. فلما قالها لهم، رجعوا، فلم يرجمها أحد، لأنهم قالوا لأنفسهم: من منا بلا خطيئة؟! من منا الذي لا ينعم إلا بستر الله عليه؟!.
وللأسف في مجتمعنا المحلي المسلم غالبا ما تتسارع الأيدي والألسن لنهش لحم أي شخص يخطئ أو تصدر حوله شائعة أو تصدر منه زلة ويستسهل الحديث عنه لكلمة أو مقالة أو مقولة لربما لم تفهم كما يقصد أو لفقت له.
حفظ العرض مثل حفظ الدين
والمحافظة على الأعراض من الضرورات الخمس التي حافظ عليها الإسلام، فالإسلام جاء بالمحافظة على الضروريات الخمس وهي: حفظ الدين والنفس والنسل، وحفظ الأعراض، وحفظ العقول، فهذه الضروريات حافظت عليها جميع الشرائع.
ومن أجل الحفاظ على الأعراض: حرم الله الزنا، وحكم عليه بأنه فاحشة، وأوجب الله جلد الزاني البكر، ورجم المحصن، قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}(32) سورة الإسراء.
وحرم الوسائل المؤدية إليه، من النظر و الاختلاط والخلوة، ومن أجل حماية الأعراض وصيانتها حرم الله -عز وجل- السخرية بالمسلم، ونهى عن اللمز والهمز، وأن يعيب المسلم أخاه ويتنقصه، سواء كان ذلك بالهمز أو اللمز؛ أن يعيبه بلسانه أو بعينه، أو يشير إليه، قال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}(1) سورة.