عزيزي، ستظل تجرى في الدنيا، تجرى حتى تمتلك الكثير من المال، أو لتكون الأشطر في مجالك، أو حتى ترضي غرورك.. تجرى حتى تستطيع أن تدفع أقساط وجمعيات و تحسن مستواك و ترضي طموحك.. تجرى حتى تربى أولادك وتعملهم وتحقق لهم ما يتمنونه، تجرى حتى تحمل مسئولية بيتك وأولادك وزوجتك، وتصبح الرجل المسالم الجميل الذي يردد قول: (حاضر دون أية مشاكل ).. ولكن بينما وأنت كذلك، وبينما أنت تجري حتى تحقق أهدافك أيًا كانت، تجد نفسك عفويًا تريد أن تجيب عن سؤال بداخلك لم يطلع عليه أحد، وهو (يا ترى فى حد حاسس بيك ، ولا كله شايف إن دا هو العادي).. أو هل من الممكن أن يأتي يومًا ويتم رد كل تعبك وكل أفضالك هذه؟.. أم أن الجميع مشغول فيما يخصه فقط؟..
الحقيقة المرة
الحقيقة هي أن الله عز وجل وحده أعلم بالإجابة.. والحقيقة أيضًا أنك ستظل تجري وتجري وتجري، ولن يأتي يومًا وينتهي مشوارك إلا بموتك، لكنك لو توقفت قليلا ونظرت خلفك ستجد العجب العجاب، ستجد أنك ببساطة جريت كثيرًا، لكنك نسيت أمرًا في غاية الأهمية، ألا وهو: ( نسيت انك تعيش ).. وحينها ربما تجد نفسك في غاية الحزن.. فكيف إذن وأنت تجري تستطيع أن تحصل على السعادة؟..
لاشك أن كل البشر يتمنون السعادة، لكن كيف يكون الطريق إلى السعادة؟.. بالنسبة للمسلمين هو طريق واحد فقط، ألا وهو طريق الإيمان بالله عز وجل، وفي ذكره ومراقبته والعمل الصالح ابتغاء وجهه، وهو ما يؤكده الله تعالى في قوله: «الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد:28)، وأيضًا في قوله تعالى: « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً» (النحل:97).
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟الاطمئنان الحقيقي
لذلك لكي تصل إلى الاطمئنان الحقيقي، فالأمر ليس في رضا الناس على الإطلاق، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس»، إذن طالما السعادة في اليقين بالله والإيمان به سبحانه، فلما التعب الشديد والعذاب بحثًا عن سعادة زائفة هنا أو هناك؟.. فهنا القاعدة العامة، لا اطمئنان إلا بالله عز وجل، قال تعالى يوضح ذلك: «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ» ( الأنعام 82)، فحتى لا تصل لمرحلة أن جريت كثيرًا دون أي نتيجة، اجعل دومًا هدفك الله، فهو لا يمكن أن يضيع تعبك أبدًا.