بعد أن تكتب كل معاناتك في الدنيا على "فيس بوك".. توقف قليلاً وتدبر.. بدون الدخول في تجارب شخصية؛ هناك شعور بأن أي شخص يكتب على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماع، أنه مضغوط أو أنه يعاني نفسيًا حتى لو ظروفه صحيًا أو ماديًا معقولة.. إنما يخبي عن نفسه وعن الناس الكثير، ومن ثم فهو يحتاج لوقفة مع النفس وتدبر ما هو فيه.. لا ليشتكي وإنما ليشكر.. نعم يشكر من منحه الكثير، وهو ربما لا يأخذ باله مما هو فيه!.
باختصار، حاول قبل أن تشتكي من النقص في أمر ما، أن تعد أولاً النعم التي أنعم الله عز وجل عليكم بها في حياتك.. واستعذ بالله من وساوس الشيطان.. وفكر بهدوء في أن ما تراه إنما هو مصدر ضغط أو ضيق قد يكون فيه اللطف والرحمة والنعمة التي تستحق الحمد والشكر لله عز وجل.
10 من 10
هناك نقطة في غاية الأهمية، وهي ضرورة البعد عن تفكير 10 من 10.. لأنه أولا تفكير تافه وساذج وعدمي رغم أن كثير منا للأسف مشغول به.. لأنه باختصار لا يمكن أن يكون في حياة البشر ما يمكن حصول (عشرة من عشرة) عليه، لأنه ببساطة الكمال لله وحده..
إياك أن تقارن نفسك بأي شخص آخر.. مقياس انجازك الوحيد هو مقارنة نفسك بنفسك.. ماذا كان موقعك أمس، ومن عشر سنين، واليوم أين أنت؟.. الغالبية العظمى من الناس سيجدون أن الفرق بين الماضي والحاضر لمصلحتهم ولمصلحة تطورهم بكل تأكيد.. والذي سيخالف هذه القاعدة الأخيرة، مؤكد أنه يعيش في خيال وليس في الواقع.. لذا علينا أن نعود إلى أرض الواقع قليلا، ونتدبر، لأن الشكوى تزيد اليأس والفشل، بينما الحمد والشكر نتيجته التقليدية والطبيعية الزيادة، لأن ذلك هو قانون الله عز وجل في أرضه، قال تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» ( إبراهيم 7).
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟احص النعم
الغريب في الأمر، أن كل المسلمين وليس غالبيتهم يحفظون عن ظهر قلب قوله تعالى: «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ» (النحل : 18)، ومع ذلك، تراه يعد العجز والكسل، وبعض النقص في أمور ما، وينسى أمورًا أخرى لو تبدرها لوجد أنها هي الأهم، فكم من صاحب مال ينقصه الصحة، يتمنى لو يحصل على الصحة ولا داعي للمال، بينما صاحب الصحة ينسى صحته، ويتمنى فقط أن يحصل على المال، وهي طريقة تفكير قارون والعياذ بالله، حينما قال: (إنما أوتيته على علم عندي)، وبينما كان يتمنى البعض أن يحذو حذوه إذا هم بعد أن أخذه الله عزيز مقتدر، يقولون: (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ».. إذن هنا الحل.. أن توقن في أن الأمر كله بيد الله وفقط.