شهر رمضان فرصة عظيمة لإحياء بعض السنن التي هجرناها غفلة منا مثل التجمع على الطعام، واستطلاع رؤية الهلال، ومساعدة أهل المنزل في الأعمال المنزلية، وصلاة التراويح، وكظم الغيظ.
إلا أن فضله يكون أكبر حينما تنجح في أن يرتبط أطفالك بهذا الشهر الكريم، ومن أجل النجاح في هذا عليك بفعل هذه الإجراءات:
الأناشيد
ذلك الناقل العصبي الذي يرتبط في علاقة وثيقة بتحفيز عقلنا وذاكرتنا العاملة وقدرتنا على التركيز، لا يوجد خير من الأناشيد التراثية المتعلقة بشهر رمضان وعاداته لإفرازه مما يساعد الأطفال على الرغبة في سبر أغوار أهمية وقدسية هذا الشهر.
إعداد المنزل للعبادة وتزيينه
يمكنك أن تقوم ببعض التغييرات البسيطة في المنزل بحيث تضيف عليه طابع والسكينة والهدوء، بأن تخفض الإضاءة قليلًا، وتجهز مكانًا خاصًا بالتعبد كمحراب صغير فيه كل ما قد يحتاجه أي فرد من العائلة، وأيضًا بتجهيز مجلس مريح تجتمع فيه أفراد العائلة جميعًا معًا ليتناولوا الطعام أو ليتبادلوا الحديث.
كذلك قم بالاشتراك مع أطفالك في تزيين منزلكم لاستقبال شهر رمضان، ليس عليك أن تجعل الأمر كحمل على كاهلك، فقط دقائق قليلة كل يوم خلال الشهر لعمل فرع زينة هنا أو فانوس مضيء هناك، هذا سيشجع حس الإبداع لدى طفلك ويقوي الصلات بينكما من خلال تبادل الآراء، وأيضًا يشعر طفلك بالانتماء لهذا الحدث. قد تتوسع في الأمر قليلًا لتشمل الزينات مدخل بنايتكم أو حتى شارعكم بأكمله، أليست فرصة رائعة لتعرف طفلك على جيرانه؟
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟قراءة القصص الإسلامية
هذا شهر واحد، ثلاثون يومًا، يمكنك فيهم أن تتفق مع طفلك على تغيير الكتب في مكتبته خلال شهر رمضان والإبقاء فقط على القصص والكتب والإسلامية، استبدل حكاية قبل النوم بإحدى قصص الحيوانات في القرآن، واسرد بطولات فرسان وأبطال الإسلام، ستكون هذه القصص والحكايات فهرسًا فيه العديد من العبارات الخاصة بالحضارة الإسلامية مما سيخلق لدى طفلك دائرة فضول عظيمة تجاه دينه تكفيه العام التالي بالكامل.
الصداقات وتوزيعات رمضان والتأمل
لن يعرف طفلك قدر حلاوة العطاء إلا بالتجربة، كلمه عن العطاء عشرات المرات؛ لن يصل لقلبه حكمتها مثلما يحدث عندما تساعده في إخراجه هذه الصدقة بنفسه، ابذل الجهد في مشاركته تفاصيل الاختيار لنوعية وجودة ما تتصدقون به ليتعلم أن المسلم يخرج صدقته مما يحب.
كما يكون تعليم الطفل عبادة التأمل أثناء صيامه من الفرص الممتازة لتلك العبادة الصامتة التي تنير القلب بقدرة الخالق. تأمل مع طفلك خلق الله في السماوات والأرض وفي نفسه وفي الكائنات من حوله، يقول أبو سليمان الداراني: «إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ولي فيه عبرة».
تبادل الهدايا
فكر في حال طفلك إن فاجأته على مدار الشهر كل حين وآخر بهدية، ليست بالضرورة أن تكون هدية غالية الثمن، فممكن أن تهاديه ببطاقة مصنوعة بيدك لتهنئته بحلول الشهر الكريم أو فانوس صغير أو حتى بدعوة صادقة من قلبك بصوت مسموع.
سلوك الآباء
لا يجب أن يبقى في ذهن طفلك عن رمضان أنه الشهر الذي لا يتحملني فيه أبي أو الشهر الذي تصرخ علي فيه أمي، لا شك أن الصيام لفترات طويلة يجعلنا ضيقي الأفق، ولكن لنتذكر أن من حكم الصيام التحكم في ذواتنا، فلنجعله شهر القرب والرحمة والرأفة ليبقى الأثر الطيب.
حسنًا طفلك الآن معد نفسيًا لاستقبال شهر رمضان كموسم للاحتفال والتقرب إلى الله، ولكنه يحتاج أيضًا للإعداد للصوم، فهذا هو أحد الأعمدة الخمسة التي بني عليها الإسلام والتي نرغب من البداية في إعداد الطفل لها، ولكن إذا كان طفلك ما زال دون سن التكليف بالصيام، فاسأل نفسك أولاً «هل هو حقًا يريد الصيام ومستعد له؟» فإن كانت إجابتك بنعم، فيمكنك معه، ولكن انتبه لتلك النقاط حتى لا تفقد استعداده هذا.
التمرن على زيادة مدة الصيام
الصيام عن الطعام والشراب لساعات طويلة أمر شاق لن يقدر عليه طفلك بين يوم وليلة، فاجعل تدربه عليه بالتدريج حسب عمره، في بداية الأمر يمكن أن يصوم لساعة أو اثنتين قبل آذان المغرب ليفطر مع العائلة، ثم تزيد هذه المدة تدريجيًا حسب قدرته على الاحتمال.
كما أن هناك نوعيات من الأكل التي تزيد من مشقة الصيام كالمقليات والأطعمة البحرية فتجنبها في بداية تدرب طفل على الصيام وبدلًا منها قدم له أطعمة غنية بالبروتينات والدهون الصحية والنشويات المركبة والمعادن والفيتامينات، وشرب الماء بكميات كافية في فترات الإفطار.
الحفاظ على روتين مناسب للنوم
في رمضان يختل بشكل كبير نظام النوم لكل أفراد العائلة، فيستيقظون في أواخر الليل لتناول وجبة السحور والصلاة، ويسهرون لأوقات متأخرة من الليل، وبالطبع هذا الخلل يشمل فترات نوم الأطفال أيضًا، ولذلك يجب أن يعوضوا هذا بروتين مخالف للنوم عن باقي شهور السنة يضمن لهم أخد حاجتهم الكافية منه، حتى وإن كان بإدخال فترة نوم قيلولة جديدة على الطفل لحين انتهاء شهر رمضان.
المشاركة في الإعداد للوجبات
عندما يشارك طفلك في إعداد الطعام لكامل الأسرة فهذا يشعره بانتمائه لها وأهميته كفرد فعال فيها، فأعطه الفرصة لهذا وقد يكون هذا الوقت فرصة جيدة للحديث والمناقشة حول الهدف والنية من الصيام وافطار الصائمين.
كما أن شهر رمضان لا يخلو فيه بيت من تبادل دعاوى تناول وجبات الإفطار والسحور، ومثل هذه المناسبات الممتعة غالبًا ما يتم تهميش الأطفال فيها، فلمَ لا نخصص لهم يومًا خاصًا لهم يدعون فيه من شاءوا من أصدقائهم، ويقومون بالإعداد لهذه الدعوة بداية من اختيار الوجبات وتحضيرها حتى تنسيق الطاولة وتقديم الطعام؟ ستكون فرصة جيدة للتعلم عن آداب الضيافة وإكرام الضيف.