في شهر رمضان المعظم، نصوم ونصلي ونقرأ قرآن .. ونقدم على فعل العديد من الأمور الطيبة، بالتأكيد كل هذه حسنات و ثواب كبير .. لكن الأمر له أبعاد أكثر من ذلك بكثير .. خسارة ألا نستغلها بشكل جيد !
لو تدبرنا حقيقة رمضان، لوجدناه كأنه كورس متكامل ومكثف لترويض النفس .. وفرصة لتقوية الإرادة وضبط أمور عديدة من الصعب ضبطها في أي وقت آخر .. فيكون كأنه بداية جديدة، و تغيير حقيقي لتفاصيل أكثر بكثير .. سواء داخلية في نفسك وأفكارك، أو خارجية في جسمك وصحتك وعاداتك ..
لكن كل ذلك لن يحدث أبدًا دون استعداد وتخطيط لكل ذلك !
التخطيط بدايته:
أول شيء في التخطيط لكل ذلك، هو أن ترفع عن بالك وعن تفكيرك أنك طوال الـ30 يومًا، لا يشغلك سوى حساب الأيام، وكم يتبقى من الوقت حتى أذان المغرب، وكم ساعة نصومها من السحور للإفطار، وهكذا.. أيضًا عليك أن ترفع عنك وعن تفكيرك ما يشغلك بالك طوال الشهر المعظم ماذا ستأكل، وأين ستفطر اليوم، هل في بيتك أم في عزومة؟.. حتى لو كنت محافظًا على قراءة جزء من القرآن بشكل يومي، حاول أيضًا أن تغير من هذا الأمر.
مثل هذه الأفكار، حاول أن تضبطها من جديد في عقلك، وفي حياتك الاعتيادية، وتعيد ترتيب أولوياتك لهذا الشهر، كأنه أول رمضان تحياه، وكأنه لن يعود عليك مجددًا، وتريد استغلاله أيما استغلال، وعلى أكمل وجه.
اقرأ أيضا:
"إلي مثواه الأخيرة " خطأ شرعي فتجنبه ..لهذه الأسبابقمة التوحيد
هنا لابد أن تعرف جيدًا أن مسألة أنك تملك إرادة تمنع نفسك من ذنب ما، لأن هذا أمر من الله عز وجل فقط .. إنما هي فكرة قادرة على أن ترفع من طاقتك الروحانية جداً .. فكرة أن الله عز وجل يأمر فأنا سأنفذ دون جدال !.. لاشك هي قمة التوحيد والتسليم !
هنا حينما تبطن به عقلك وقلبك .. فأنت لاشك إنما تدرب نفسك كيف تستقبل أي أوامر ربانية أخرى و تعرف كيف تسلِّم لله عز وجل..
حالتك وأنت مطيع ومسَلِّم .. تبدأ تشحنها بقرآن تأخذ منه قوانين ومعاني فتفهم أكثر وتعرف لمن تسَلَّم أمرك .. وحين تصلي تشعر بوصل غير عادي ولقاء غير عادي مع صاحب الأمر .. هنا أنت كأنك هيأت روحك ونفسك وقلبك وعقلك بأنك عبد ولك خالق هو الله واحد قادر مهيمن رازق .. فيك نفخة من روح الله .. ستحييها وستشعر بها .. ستكون رحلة تتعرف فيها على من تعبد ولمن تصوم وتصلي ولمن تدعو وتسأل !
هذه التهيئة قادرة على أن تمدك بقوة و طاقة .. لا يمكن تخليها !.. حينها ستكون متحكمًا في نفسك تحت مركزية الله وليس هي التي تتحكم فيك تحت مركزية هواك.
الخلاصة: مستحيل بعد هذا الكورس ألا تتغير أو ألا تكمل فيما بدأت .. حتى لو جاء يوما ما وكسلت .. فإنك لن تقع وستعود من فورك للاستمرار في الطريق الصحيح، لأن هذه الوقعة لن ترجعك لنقطة الصفر بالتأكيد.