عزيزي المسلم، أحياناً لا يكون من الضروري أن تعرف كل الحقيقة حتى ترتاح، أو تظن أنك حينما تعرف كل شيء سترتاح! .. الحقيقة أنه ليس كل معرفة تريح، وليس كل وضوح يفيد .. كما أنه ليس كل كتمان كذب !
إذن عليك أن تركز على الجانب الذي ترتاح فيه وفقط.. وإياك أن تفتش عن كل الجوانب .. لأنك ستجد بلاشك ما يضايقك ويشغلك عن الجوانب التي تريحك .. لذا اعلم أن سلامك النفسي واستمتاعك بالآخرين يحتاج إلى فن و ذكاء ، و ترشيد لطاقتك و مشاعرك وأفكارك .. بل يحتاج إلى تغافل كبير .. وقبل كل ذلك يحتاج إلى إدراك تام لطبيعة الإنسان أنه خطّاء و ضعيف .. لذا تذكر قوله تعالى : ( لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )، وعش به وإياك أن تنساه.
اعرف هذا الأمر فقط
لو أردت عزيزي المسلم، أن تعرف كل الحقيقة، فابحث عن حقيقة وأهمية شكر الله عز وجل، فلقد خرجنا من بطون أمهاتنا لا نملك شيئًا ولا نعلم شيئًا، فمنّ علينا بالمال والمتاع والمعرفة؛ قال تعالى: « وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » (النحل: 78)، وغمرنا جل جلاله بالنعم التي لا تحصى، فلم نشغل بالنا بما يضيع راحتنا، ولا يسبب لنا إلا الضيق، ونبتعد عن كل ما هو مهم، فضلا عن أنه فيه كل الراحة.. فترى الإنسان أعجب خلق الله عز وجل، يبحث عن من ظلمه، وكيف أذاه، وينسى شكر الله، أو اللجوء إليه، مع أنه مع الأول لن يعرف طعم الراحة أبدًا، بينما في الثانية سيجد كل الراحة، ولما لا وهو سيكون في معية الله عز وجل، فبقدر ما تطيع الله بما أمر بقدر ما يكون معك، قال تعالى «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ».
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟تعامل مع الظاهر
عزيزي المسلم، أنت لست مطالبًا بأن تتعامل مع المخفي وإنما مع الظاهر فقط، وأما السر وأخفى فهو الله وحده، فهو (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى)، كما أنه سيحاسب على نياتهم، بينما نحن لا يهمنا ولا يشغل بالنا سوى ما نراه.. وربما في ذلك رحمة عجيبة من الله عز وجل، فكيف لو إنسان أن بعض الناس يتحدثون عنه بسوء، ربما تأثرت نفسيته.. لكن لو عاش هكذا لربما عاد أحدهم واستغفر وأناب، وتراجع عن إلقاء اللوم عليه، وحينها سيأتي وحده يعامله على أفضل ما يكون.. لذا دع الملك للمالك فيما لا يفيد أن تعرفه، أما ما يجب أن تعلمه فاسع لتعلمه، خصوصًا إذا كان هو طريق الله عز وجل.