الصحبة أو الأصدقاء، دائمًا ما تكون سببًا في انتماء صاحبهم أو صديقهم، فإن هم كانوا على خير، ناله بعض هذا الخير لاشك، وإن كانوا العكس والعياذ بالله، بالتأكيد ناله بعض شرارهم، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
إذن الصحبة لها تأثير عليك وتأخذك من الخير إلى الشر والعكس، فاحرص على أن تختار صاحبك، لأنه قد يأخذك إلى الجنة أو العكس، لذلك فقد جعل الله عز وجل، منزلة الصديق، من منزلة النفس، ولم لا وهو الذي يقوده إما إلى جنة أو إلى نار، فإذا صادقت فاختار من يشابهك في نفسك، وانظر إلى نبيك الأكرم صلى الله عليه وسلم حينما أراد اختيار صديق، اختار أبي بكر رضي الله عنه، فكان نعم الصديق.
الطبع يغلب التطبع
عزيزي المسلم، صحبة الحريص على الدنيا كأنها (سُم قاتل)، لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه، فمجالسة الحريص على الدنيا تحرك الحرص، ومجالسة الزاهد تزهد في الدنيا، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا، ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة.. لأن أثر الصداقة لا يقف عند حد الدنيا وفقط، وإنما أيضًا يستمر للآخرة، قال تعالى: «الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ»، وهذه في الصحبة الصالحة.. أما في الصحبة الأخرى، فقد قال تعالى: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا».. انظر للفرق واختار ما يفيدك في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟اختيار الصاحب
لكن كيف يكون اختيار الصاحب؟، هذا السؤال أجاب عنه نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقد جاء بذلك الحديث الشريف الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري أنه سمع سيدنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي».
لابد أن يكون الصديق ذا دين وتقى؛ لأن مخالطة غير التقي تخل بالدين.. لأن المؤمن دائمًا ما ينصحك ويبعدك عن المحظورات، بينما غير ذلك لا يمكن أن ينصحك وإنما يأخذك معه إلى طريقه، وهو طريق لو تعلم عقابه لانتهيت عنه من فورك، قال تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا».