جميعنا لاشك يتعجل إجابة أي دعاء يسأل به الله عز وجل، لكن بعضنا قد يأتي بعد فترة وجيزة، ويردد: (الحمد لله انه مستجابش).. بالتأكيد لا أحد منا كان يتخيل أنه من الممكن أن يردد هذا الكلام أبدًا، خصوصًا بعد فترة طويلة و إلحاح شديد في الدعاء إلى الله عز وجل ليحقق له طلبه ورجائه..
لكن بعد فترة تجد الله عز وجل يكشف أمامك كل الورق، وكأنه يقول لك (هل أدركت لماذا لم استجب).. حينها حساباتك ستتغير وتتدخل إرادة المولى سبحانه وتعالى، لتغير لك كل الموازيين، وتشعر بلطف الله عز وجل كأنه يحيطك من كل جانب.
العبد في التفكير
في هذه الحالة التي يعيد فيها الإنسان تفكيره في كل الأمور، تدور في ذاكرته المقولة الشهيرة: (العبد في التفكير و الرب في التدبير )، وأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .. فلا تستعجل عزيزي المسلم على إجابة دعائك، واعلم يقينًا أن الله لن يختار لك إلا الخير وفقط.. فكيف بك تلجأ إليه، وهو الكريم العظيم، ويردك خالٍ الوفاض، وحين تصل للمرحلة التي ترى فيها الحقيقة وكيف أن الله نجاك لو استجاب لدعائك.. ستظل تردد: (الحمد لله ألف مرة أنه نجاني و لم يتسجب)، وأنه "ما اشتدّت وتعسّرت واستحالت، إلا واستُسهلت وتيسّرت واستهانت".
فالدعاء ثوابه عظيم وله مكانة عظيمة في الإسلام حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه هو العبادة ذاتها، ففي سنن الترمذي وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ: وقال ربكم ادعونى أستجب لكم… والمسلم إذا دعا الله تعالى، فإنه لا يخيب دعوته ما لم يستعجل أو يدع بإثم أو قطيعة رحم، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي.
اقرأ أيضا:
لماذا الصبر قبل الصلاة؟.. فوائد لم تسمعها من قبلإجابة مؤكدة
على العبد أن يفهم أنه يدعو الله، وعلى الله سبحانه أن يمنحه ما يكون الخير له، فإما استجاب، أو منع عنه سوء ما، ففي سنن الترمذي أيضاً من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم فقال رجل إذا نكثر قال الله أكثر.
والاستعجال في الدعاء سبب لمنع استجابته قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: قال بعض الأئمة: قوله يستجاب لأحدكم يحتمل الوجوب والجواز، فإن كان الخبر الأول فلابد من إحدى الثلاث، فإذا عجل بطل وجوب أحدها وتعرى الدعاء عن جميعها، وعلى الجواز تكون الإجابة بفعل ما دعا ويمنعه من ذلك استعجاله، لأنه من ضعف اليقين ، وينبغي أن يدعو وهو موقن بالإجابة وبقلب حاضر.