هل يمكنني قول أدعية الكرب في غير وقت الكرب؟ فبعضها: "لا إله إلا الله العظيم ..." فيه ثناء على الله سبحانه وتعالى، وبعضها فيها دعاء عام بالخير والرحمة والتوفيق: "اللهم رحمتك أرجو..."
وهل لفظ العظيم والكريم في الدعاء السابق: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش (العظيم)، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش (الكريم)" تعود على الله سبحانه وتعالى، أم على العرش؟
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: إن الأدعية الواردة عند الكرب أدعية حسنة جميلة، وهي من الأذكار الطيبة التي لا حرج البتة في ترديدها على كل حال، وقد قال بعض أهل العلم إن هذا الذكر الذي هو: لا إله إلا الله... ذكر يستفتح به الدعاء، قال القاري: قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا ذِكْرٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ رَفْعُ الْكَرْبِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: هَذَا ذِكْرٌ، وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ; فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الذِّكْرَ يَسْتَفْتِحُ بِهِ الدُّعَاءَ، ثُمَّ يَقُولُ مَا شَاءَ مِنَ الدُّعَاءِ.
وَالثَّانِي: هُوَ كَمَا وَرَدَ: "«مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِيَ السَّائِلِينَ»"..
وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ: "ثُمَّ يَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ"، أَوْ يُقَالُ: إِنَّ الثَّنَاءَ يَتَضَمَّنُ الدُّعَاءَ تَعْرِيضًا بِأَلْطَفِ إِيمَاءٍ، كَمَدْحِ السَّائِلِ وَالشَّاعِر. انتهى.
وتابع مركز الفتوى قائلًا: وأما لفظة "الكريم" و"العظيم" في الدعاء، فرويت بالوجهين: الخفض على أنها صفة للعرش، والرفع على أنها صفة للرب، قال القاري في المرقاة: نَقَلَ ابْنُ التِّينِ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِرَفْعِ الْعَظِيمِ، وَكَذَا بِرَفْعِ الْكَرِيمِ عَلَى أَنَّهُمَا نَعْتَانِ لِلرَّبِّ، وَالَّذِي ثَبَتَ فِيهِ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ بِالْجَرِّ، وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا، وَجَاءَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ شَاذًّا، وَأَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ، وَأُعْرِبَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّفْعِ نَعْتًا لِلْعَرْشِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، قُطِعَ عَمَّا قَبْلَهُ لِلْمَدْحِ.
وَرُجِّحَ لِحُصُولِ تَوَافُقِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَرَجَّحَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الرَّبِّ بِالْعَظِيمِ أَوْلَى مِنْ وَصْفِ الْعَرْشِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ وَصْفَ مَا يُضَافُ إِلَى الْعَظِيمِ بِالْعَظِيمِ أَقْوَى فِي تَعْظِيمِ الْعَظِيمِ، وَقَدْ نَعَتَ الْهُدْهُدُ عَرْشَ بِلْقِيسَ بِأَنَّهُ عَرْشٌ عَظِيمٌ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ سُلَيْمَان.
اقرأ أيضا:
هل الزواج بأحد قدر مكتوب أم قرار واختيار من الإنسان؟اقرأ أيضا:
كيف تصلي المصابة بسلس البول ..وهل يكفيها الوضوء لكل صلاة؟