عزيزي المسلم، إن من الأمور المؤذية لك .. أنك تختار وأنت غير فاهم نفسك !.. ثم تتفاجأ بأن هذا ليس هو الاختيار المناسب و تعتقد أنك فهمت نفسك فتختار اختيار آخر .. ثم تتفاجئ أيضًا بأنه غير مناسب ..
وتختار .. وتظل تختار .. بحماس جديد وإصرار جديد أنك أصبحت تفهم تفهم نفسك جيدًا وتعي ماذا تريد جيدًا.. وبعد رحلة طويلة و تجارب عديدة، ستنضج كثيرًا .. وستعرف حينها أنك مستحيل أن تفهم نفسك!
نفسك أعقد بكثير من أنك تعتمد على قدراتك حتى تفهمها .. فهي مركبة جدًا على أنك تختار لها ما يسعدها أو يريحها !
لكن في نفس الوقت في كل لحظة تعيشها لابد أن تختار فيها !!
نعم تختار ولابد لك أن تختار، لكن ستتعلم أنك تختار بعد أن تتعلم كيفية ( التسليم ) أولا .. لكن كيف ذلك؟.
أهمية التسليم
حينلما تسَلِّم أمرك لله عز وجل، ضروري أنه يبصرك بالاختيار المناسب لك وليس ما تريده وفقط ! والفرق كبير ..
حينها ستجد نفسك توافق على اختيارات غريبة عليك .. وتتخذ قرارات لا تتوقع أن تأخذها .. وتخوض تجارب جديدة عليك .. و تجد نفسك تستطيع أن تصمد في عز وقوعك .. وتتقبل الخسائر وتترجمها لدروس وعبر.. وتظل هكذا تجرب و تحاول .. دون أي خوف .. لأنك أصبحت أقوى .. و مطمئن بأن الله لن يتركك أبدًا .. مطمئن أن الله سندك و(في ظهرك) طالما كنت متوكلا عليه .. تخيل حينما يكون سندك في الدنيا هو ( الله ) !
حينها ستختلف الأمور تماماً !!.. لأنك ستختار لكن تحت مركزية الله .. تأكيدًا لقوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).. حينها ستدرك بعض من معاني (الإنسان مخير أم مسير ).. لأن الله عليم بتفاصيلك التي لا تعرفها .. ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )، وعنده منتهى الحكمة من كل شئ التي من المستحيل أن ندركها .. (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ).
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟المقارنة بين اختيارك واختيار الله
هنا المقارنة بين اختيارك واختيار الله غير واردة على الإطلاق، حتى لو كان الظاهر أن اختيار الله ليس على هواك ولا مرادك .. وحتى لو كنت حزينًا من مثل هذه المظاهر .. فاعلم أن هذا أمرًا طبيعيًا، طالما قلبك داخله اليقين والتسليم بأن أفعاله سبحانه فيك كلها خير ..
مع الوقت والمجاهدة والتدريب والتعود .. سيصبح مرادك هو مراد الله .. واختيارك لاشك سيوافق قدر الله فيك .. وسيكون كل ما عليك في الحياة ..( التقوى ) وستوقن أنها فقط من يوصلك إلى التسليم التام لله، حتى تفَعَل البصيرة، وحينها لن تتعلق بأي اختيار في الحياة بعيدًا عن طريق الله عز وجل .. لأنك ستُبصر الاختيار المناسب .. وستعلم أنه اختيار الله وفقط، قال تعالى: (وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا ).. والتقوى باختصار هي أنك تقي نفسك بقوانين الله في كل تفاصيل حياتك .. و هذا يحدث بالتعرف على الله وصفاته و بذكر الله بالقلب والقول والعمل .. (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ).