عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الضغوط تقتل صاحبها إن لم يضعها في حجمها المناسب.. فإن كان الإلحاح الداخلي لإنجاز كل شيء بشكل أقرب إلى المثالية، أو بزيرو خطأ، كما يقول بعضنا، شيء عظيم، إلا أنه لا يجب أن تترك ذلك الطموح يضعك في زاوية ضيقة حتى لا تكاد تلتقط أنفاسك.
هناك ساعات محددة للعمل اليومي بما يناسب طاقة الإنسان، لكن نزعم أن كل أبناء هذا الجيل لا يعترفون بهذا الكلام.. ليس لأنهم شغوفين إلى درجة الجنون بالعمل أو ما إلى ذلك.. وإنما كل ما في الأمر أن فواتير آخر الشهر تطارد الجميع.. وترهق أولئك الباحثين عن حد أدنى للعيش الكريم أو حتى العيش فقط من دون صفات كريمة أو غير كريمة!
لذا هي معادلة صعبة يا عزيزي أن توازن بين تناقضات حادة كتلك التي يضرب بعضها بعضا بداخلنا.. لكن الوعي بها يهوّن كثيرًا من ضيق يعتمل في الصدور حتى يكاد يذهب بعقل صاحبه أحيانًا.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟اعتلال نفسي
أوتدري عزيزي المسلم، أنه حتى مع إنجازك بعض الأمور، لكن مع عدم الشعور بالسعادة اللازمة، أو عدم الحصول على الراحة اللازمة، والراحة هنا تعني الراحة النفسية والبدنية، أو عدم الوصول إلى الرضا المطلوب، كل هذه الأمور تعني أنك تعيش (اختلال نفسيًا).. لأن أساس الراحة والسعادة لا يمكن إلا أن يأتي في الرضا وفقط.. لذا لابد أن يكون السؤال الأهم، هو: كيف يمكن الوصول إلى الرضا.. وليس إلى إنجاز الأعمال بشكل مثالي؟.
فهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعيشون 3 سنوات، في شعب أبي طالب يأكلون التراب، ويعيشون في ضيق شديد، حتى أنهم يكاد يمر عليهم الأيام دون طعام أو شراب، لكنهم كانوا راضون عما يفعلون، لن يتراجعوا أبدًا، فقد آمنوا.. وهم يعلمون أن هناك ضريبة يجب أن تدفع، ومهما حدث فإنهم مكملون طريقهم بلا هوادة.. فكانت النتيجة.. انتصار عظيم، وخروج من كرب شعب أبي طالب إلى براح الدنيا كلها، ومنها إلى وعد الرحمن بالجنة، وهل هناك أفضل وأعظم من ذلك.. بالتأكيد لا.
التخلص من الضغوط
عزيزي المسلم، تخلص من كل الضغوط من حولك، مهما كانت، فالدنيا لا تستحق كل هذا العناء، وإلا لو كانت تساوي عند الله شيئًا ما سقى منها الكافر شربة ماء.. فالله لا يمكن أن ينساك أو أن يتركك تتعثر، فقط هو يتركك حتى يسمع صوتك تناديه وتناجيه، يختبر قوتك على الصبر والرضا سبحانه، ثم انتظر النتيجة، لا يمكن أن تقل عن عما حصل عليه المسلمون الأوائل من انتشار في الأرض، ووعد إلهي بالجنة.