مرحبًا بك يا عزيزتي..
ستظلين منتظرة لمبادرة أمك كثيرًا وربما لا تحدث!
نعم..
فما أراه أن والدتك نشأت في بيئة لم ترى فيها أو لم تعلمها عن الأمومة كعلاقة، لذا هي تتصرف كما حدث معها أو كما لقنت، وهو خطأ بالتأكيد، فأنا لا أبرر لها ولكن أفكك معك الصورة المركبة والمعقدة ليحدث حالة من "التفهم" يمكنها أن توصلنا للحل المطلوب والمريح لك.
وكما قلت سابقًا مرارًا وتكرارًا ، نحن لا نستطيع تغيير الآخرين في العلاقات، ولكننا نستطيع تغيير أنفسنا، طريقة تفكيرنا، استجاباتنا، ردود أفعالنا، فنحن لا نملك سوى أنفسنا، أما الآخر فلا.
لذا، فوالدتك لم تتفهم أمرك، ولا أمر أمومتها، ومن غير المحتمل أن يحدث هذا، فهي بهذه الصورة التي حكيتها "انسان مسكين"، فهلا تفهمت أنت يا عزيزتي الأمر؟
الحل هو أن يكون دور البطولة لك لا لأحد غيرك، فأنت المتضرر الواضح، وعليك التحرك بإيجابية، لصالحك أولًا ولمصلحة العلاقة من بعد.
لا تجلسي على مقاعد المتفرجين، فالقصة قصتك، ويمكنك المبادرة بدون انتظارها من أحد، فهذا الغضب الذي يعتمل داخلك، عبري عنه، فقد جعله الله لحكمة وجعل له طرقًا صحية للتعبير عنه ليس من ضمنها "كبته"، أو "دفنه"، أو "إنكاره"!
لن تعرف أمك أنك غاضبة من كذا بدون أن تفصحي ، وتتكلمي، فلم لا تجربين هذا، سواء سمعت لك والدتك أم لا، اقتنعت أم لم تقتنع فأنت الكاسبة، نعم، خروج الغضب بطريقة صحية ، مكسب، وبقاؤه يعتمل في داخلك خسارة لصحتك الجسدية والنفسية، وحدك!
تحتاجين فقط لانتقاء الأسلوب، والوقت، والطريقة المناسبة للتعبير بحكمة حتى يأتي الأمر بنتيجة إيجابية لصالحك.
الصمت وبغضب والتجنب لن يوصل سوى رسائل سلبية للغاية، ومردودها سلبي، وهو ما عبرت عنه ويحدث بالفعل بأنها "تتجاهل" ، أو "تتعامل بالمثل"، فما الفائدة إذاً؟
لا تتفهم والدتك أن السخرية والانتقاص والتجاهل من مدمرات العلاقات، فتفهمي أنت وأوقفي هذا بألا تفعليه أنت أولًا، ثم تعلم كيفية مواجهته بطريقة صحية لا تضرك، ولا تلقي بمعاول هدم إضافية على العلاقة بينكما.
الاحتياجات النفسية كما المادية، إن لم تشبع من قبل الوالدين بسبب جهلهم كحالة والدتك يا عزيزتي، تطلب، وبكل وضوح، نعم، اطلبي الاحتضان، ولا تخجلي، أو تتكبري عن طلب هذا لأنه حقك، وليكن ما يكون من نتائج، قبولًا أو رفضًا، قبولًا بحميمية ودفء أو تصنع وبرود، فهذه مشاعر والدتك وهي وحدها مسئولة عنها، المهم هو أنت، أن تطلبي أنت، مشاعرك أنت، وإحساسك أنت.
أنت في حاجة لاحترام نفسك وحبها وقبولها وتقديرها يا عزيزتي، فامنحي هذا لنفسك أنت أولًا، بالتعبير عنه لنفسك، وبالتعبير عن حقيقة مشاعرك لمن حولك أيًا كانوا، فهذا من احترامك لنفسك ولمشاعرك ولهم ولعلاقتك بهم.
قلت أن عمرك 19 سنة، وهذا معناه أنك على عتبات الرشد، ومن تمام الرشد التعامل مع والدتك على أنها أيضًا "إنسان"، لديها عيوب، ومواطن ضعف، وعجز، تمامًا كما لديها مميزات ومواطن قوة وتميز، فتتعاملين مع هذا كله بتفهم وتقدير.
كما قلت لك من قبل، دور البطولة قد أسند إليك فقومي به وبادري أنت بتكسير الحواجز النفسية كلها، تدريجيًا، وبصبر، وحكمة، وستنكسر!
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
إشكالية العلاقة بين الأبناء والآباء.. من يربي من؟!اقرأ أيضا:
هل يشابه أبناء المطلقين آباءهم ويستسهلون الطلاق؟