يتوقف الانتفاع بالقرآن الكريم على الاختيار الإنساني، فإما أن يكون شفيعًا لك يوم القيامة، وإما أن يكون شاهدًا عليك، بل يذهب أبعد من ذلك بتقرير أن كثيرًا من الناس سيزيدهم القرآن خسرانًا وضلالاً، مثل قوله تعالى: "ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا"، وقوله تعالى "وليزيدن كثيرًا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانًا وكفرًا".
بل أن هناك من الناس، من اتخذ قرارًا مسبقًا بسد منافذ فهمه وانتفاعه بالقرآن وما يحتويه من كنوز الدنيا والأخرة، فهذا لن يستفيد من القرآن شيئًا ، فقد قال الله تعالى فيهم :"وجعلنا على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا"، بل إن القرآن بتعبير القرآن ذاته هو عمىً على هذا الفريق من الناس "قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى".
وهناك فريق ثالث لا يعرف كيف ينتفع بالقرآن الكريم،، والانتفاع بالقرآن لا يكون إلا بشرط الاستعداد المسبق "هدىً للمتقين"، ونحو ذلك من عشرات الآيات التي تخرج القرآن من فكرة التأثير الآلي إلى التأثير المشروط بالاستعداد والجهد البشري.
إلا أن قلوبنا القاسية بل قد تقسوا أحيانا حتى تكون أشد من الحجارة ولا يغرنك لين ملمسها؛ فقد قال تعالى: { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ البقرة : 74 ].
ويقول تعالى: { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ الأنعام : 7 ] أي لو أنـزلت عليك، يا محمد صلى الله عليه وسلم الوحيَ ، في صحف يعاينونها ويمسُّونها بأيديهم، وينظرون إليها ويقرؤونها بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحَّةِ ما أتيتهم به من توحيدي وشرائعي لقالوا ” إنْ هذا إلا سحرٌ مبينٌ” ، أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرتَ به أعيننا, ليست له حقيقة ولا صحة.
وهكذا يقول الحق سبحانه: { وَلَوْ أَنَّ قُرْآَناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً } [ الرعد : 31 ]
لذلك نحن بحاجة إلى تدبر كتاب ربنا سبحانه والوقوف معه والخلوة به؛ ليزداد إيماننا، وتشرق نفوسنا، وترق قلوبنا بفهم ما فيه من مواعظ وأمثال ووعد ووعيده وقصص وغير ذلك مما تضمنه بأحسن بيان وأوضح برهان: { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا } [ النساء : 82 ].
اقرأ أيضا:
ما الفرق بين النفخة الأولى والثانية؟ وما معنى صعق؟ وما حالة الأموات في القبور قبل نفخة البعث؟!كيف نتدبر القرآن وكيف نتأثر به؟
ترتيل القرأن
ترتيل القرأن وتحسين أدائه يساعد على التأمل وتدبر ووقوف عجائبه ومواعظه، وفي المقابل سرعة تلاوة القرآن تسلب القارئ حلاوة القراءة وندواتها، ومن هنا لا يشعر أي حلاوة وطلاوة.
تفهم معاني القرآن
معرفة معاني القرآن تأخذ حيزا كبيرا في جلب الخشوع والتدبر، فكلما مر أية وعد أو وعيد تأمل وتفكرما فيها لتأخذ شحنات تشجيع وتحفيز التقرب إلي الله وعمل الطاعات والبعد عن الرزايا والآثام ومخالفة كل مايفضي إلي قسوة القلب وجفائه
الاستفادة من قصص الأنبياء والأمم السابقة
الإطلاع على قصص الأنبياء وقراءت تاريخهم وأثارهم ومواعظهم وابتلائتهم، تقربك من القرآن بشكل أكبر، وتضع لك العظة والعبرة من قصص الأنبياء، والتأسي بهم، و وماحل بهم من منح ومحن تثير المشاعر.
استشعارالقارئ أثناء القراءة بعظمة كتاب الله
استشعارك وأنت تقرأ كلام الله بعظمته وأنه كلام الله يقطع كل الاتصالات الخارجية، ويدخل بك في طريق الله ومعيته، ويفتح قلبك لما يتلوه لسانك.
المداومة على قراءة القرآن
اقرأ القرآن بشكل يومي وداوم على قرائته، حتى تجد نفسك في حالة مع القرآن تشعر وكأنها تسيطر عليك وعلى عقلك وقلبك، ومن ثم تفتح قلبك لكل كلمة وكل حرف في القرآن، حتى لا تشعر أنك غريبا عنه.
الاجتهاد في الدعاء
اجتهد في الدعاء : "اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء همي وذهاب غمى وحزني " .
اقرأ أيضا:
كانوا على دين أبينا إسماعيل.. ودعا لهم النبي بالرحمةاقرأ أيضا:
كيف تجلت آثار رحمة الله على أهل الكهف؟ (الشعراوي يجيب)