الدنيا.. ما هي إلا كرحلة قطار، تركب من محطة معينة، ربما تجد والديك، وربما لا، فقد يكون الوالد نزل في محطة سابقة، أو ربما حتى الأم ركبتك أو محطة ونزلت هي، لكن لاشك ستلتقي كثيرًا من الناس طوال رحلتك، فكن دائمًا عابر خفيف الطلة، لعل يتذكرك بعضهم بعد نزولك من القطار.. واعلم جيدًا أن البعض يتصور أن الوالدين سيركبان معه طوال الرحلة، لكنه يغفل أن لكل إنسان محطته التي لا يمكن أن يتخطاها مهما حصل.. فبعدد ما قدر له، وتذكرته المحددة سلفًا سينزل يومًا ما لاشك.. بمرور الوقت، هناك آخرين يركبون القطار معك، أصدقاء وأصحاب وزملاء العمل وحتى شريك حياتك، لكن بمرور الوقت أيضا ينزل من القطار بعض الأشخاص في بعض المحطات، لكن المثير أن هناك من يرحل دون أن تشعر برحيله ولا أن تلاحظ حتى فراغ مقاعده في القطار.. والأغرب أن القطار لا يسير على نفس الوتيرة، هناك فرح أحيانا وأوقات أخرى من الحزن… هذه هي الحياة.
تابع من بعيد
لكن عزيزي المسلم، لو أنك فكرت للحظة ، تراقب الوضع من بعيد، ستجد العجب العجاب، ستجد أنك لا تعرف في أي محطة ستنزل من الأساس.. وهل سيحبك كل من يلتقيك في القطار أم لا، وهل سيتذكرونك بعد نزولك أم لا.. هل سيشعر أحدهم بفراغ مقعدك… بالتأكيد قد لا يشعر بك أحدًا من الأساس، وأنت تتصور أن أنك محط اهتمام الجميع، لذا عليك أن تقف قليلا وتراجع نفسك.. وتحب لو لم تحب.. لأنه لا يمكن أن تحب أحدهم ولا يحبك، كما عليك أن تسامح مهما كانت الفعل، فبديهي أن تتعرض لأزمة ما خلال رحلتك، فليكن صدرك واسعًا قدر الإمكان، الأمر لا يستحق الغضب أو الحزن، لأن محطتك قادمة لا محالة، إذن عليك أن تقدم أفضل ما لديك، حتى تنال أفضل ما لدى الناس.. هكذا هي المعاملات.. واعلم أن القطار هو الرحلة.. والرحلة هي الحياة.. فاخرج منها فائزًا.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟عابر سبيل
عزيزي المسلم، يفضل أن تكون في القطار، كعابر سبيل، يدرك جيدًا أنه سيأتي يوم وينزل في محطته، فلم الاستعجال، ولما الغضب أو المشاكل أو الصراعات، لو كانت الدنيا تعدل عند الله مثقال حبة من خردل لم يعطها إلا أوليائه وأحبائه من خلقه.. إذن كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك من أهل القبور.. فلما الطمع فيما هو زائل، وكيف البعد عن ما هو مستمر، وهو ما بيد الله عز وجل، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم».