نفرط في الكثير من الحسنات التي تذهب سدى لمجرد عدم الإتقان للأشياء البسيطة التي استوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم خيرا، مثل الوضوء، فبشر الغر المحجلين من أثر الوضوء بمقعدهم في الجنة، كما بشر بأن كل قطرة مياه تتساقط من أجسادنا يتساقط مع سيئاتنا، إلا أن البعض يصر على التفريط في هذا الجزاء الرباني، لمجرد لحظات قليلة يتسرع فيها بالوضوء دون إتقانه، ودون غسل كل عضو كما ينبغي وكما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
والوضوء شرط صحة للصلاة، وبدونه فإن الصلاة لا تصح وبالتالي لا تقبل، لذلك رغب النبي صلى الله عليه وسلم على فضل اتباع هديه في الوضوء، وهذا الترغيب ينم على حرصه على هذه الأمة، فقال: “مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبركيف كان يتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم؟
1/ البعض قد يصلي الفروض الخمسة بوضوء واحد، وبالرغم من صحته شرعا طالما لم ينقض وضوءه بنواقض الوضوء المنصوص عليها شرعا، إلا أن يحرم نفسه أجر الوضوء وثواب الغر المحجلين الذي بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك كان النبي يحب المواظبة على الوضوء لكل صلاة وترك الإسراف في الماء، فكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلوات بوضوء واحد. وكان يتوضأ بالمد تارة، وبثلثيه تارة، وبأزيد منه تارة، وكان من أيسر الناس صبا لماء الوضوء، وكان يحذر أمته من الإسراف فيه”.
2/ كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فيغسل أعضاء الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وفي بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا، حيث يفرق بينها في العدد، وبناء على هذه السنة يكره العلماء الزيادة على الغسل أكثر من ثلاث مرات، لا سيما إذا فهمنا حديث عمرو بن شعيب وفيه: “.. أنه غسل الأعضاء ثلاثا ثلاثا.. ثم قال: فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء”، لما يترتب على الزيادة من الإسراف ومخالفة السنة النبوية الثابتة.
3- ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمضمض ويستنشق، تارة بغرفة، وتارة بغرفتين، وتارة بثلاث. وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق، فيأخذ نصف الغرفة لفمه ونصفها لأنفه، ولا يمكن في الغرفة إلا هذا، وأما الغرفتان والثلاث فيمكن فيهما الفصل والوصل، إلا أن هديه صلى الله عليه وسلم كان الوصل بينهما، كما في ” الصحيحين ” من حديث عبد الله بن زيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تمضمض واستنشق من كف واحدة، فعل ذلك ثلاثا».
4/ مسح الرأس كله مرة واحدة: جميع الأحاديث التي وردت في وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرت أنه كان يمسح رأسه كله، وقد يقبل بيديه ويدبر أحيانا، قال ابن القيم: عليه يحمل حديث من قال: مسح برأسه مرتين.
وكان من سننه صلى الله عليه وسلم أنه يمسح رأسه كله ويستوعبه، وتارة كان يمسح ناصيته وعلى العمامة معا، وتارة كان يمسح على العمامة فقط دون المسح على الناصية.
5/ مسح الرأس مع الأذنين: وتقرر من سننه صلى الله عليه وسلم في الوضوء أنه كان يمسح الرأس مع الأذنين بالبلة الواحدة، دون أن يأخذ لهما ماء جديدا، وكان يمسح ظاهر الأذنين وباطنهما. جاء فالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم “مسح في وضوئه برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل إصبعيه في صماخ أذنيه”. [أبو داود في السنن وحسنه ابن حجر].
6/ أذكار وأدعية الوضوء: وكان الصحيح في السنة أنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ الوضوء بالتسمية، ويقول في نهايته: “أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين”.
7/ غسل الرجلين: فقد كان عليه الصلاة والسلام يغسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ويفعل الامر ذاته مع اليسرى، يغسلهما ولا يمسحهما مجردتين بدون خف أو جبيرة، قال الكاساني: قد ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل رجليه في الوضوء، لا يجحده مسلم.
8/ المسح على الخفين والجوربين: فكان عليه الصلاة والسلام يمسح عل الخفين والجوربين، مقيما أو مسافرا آخذا بالرخصة، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تجتنب نواهيه. ووقت صلى الله عليه وسلم مدة المسح للمقيم في البلد يوما وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن في عدة أحاديث صحيحة، وكان يمسح ظاهر الخفين، ولم يصح عنه مسح أسفلهما.
9/ تنشيف الماء بعد الوضوء: فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يعتاد تنشيف أعضاء الوضوء عند الفراغ منه، وقد ناولته ميمونة رضي الله عنها إحدى زوجاته خرقة بعد غسله من الجنابة فلم يردها فجعل ينفض بيده”.