حذر علماء أوبئة من أن فطرًا غامضًا تم اكتشافه لأول مرة في عام 2009، يمكن أن يمثل الخطر الصحي الرئيسي في العالم عقب الانتهاء من جائحة كوورنا.

يعد فطر "كانديدا أوريس"، أكثر الميكروبات خطورة داخل المستشفيات على مستوى العالم حاليًا، ويطلق عليه البعض لقب الفطر القاتل.

وقد تفشى هذا النوع من الميكروبات في مناطق متعددة من العالم، وتشير أبحاث إلى أن ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض قد يكون وراء زيادة الإصابة به.

ووصفت جوانا رودس، عالمة الأوبئة الجينية في جامعة "إمبريال كوليدج لندن"، فطر "كانديدا أوريس" بأنه "العامل الممرض المثالي تقريبًا".

ظهور الفطر القاتل لأول مرة 

وتم تحديد الفطر القاتل لأول مرة في عام 2009، حين أدى إلى إصابة قناة الأذن لامرأة يابانية، قبل أن يتم رصده في مرضى آخرين بجميع أنحاء العالم.

وتم تشخيص الحالة الأولى في أوروبا في مستشفى رويال برومبتون بلندن في يونيو 2016.

اظهار أخبار متعلقة

وقالت الدكتور رودس، التي كان أحد الأخصائيين الذين تم استدعاؤهم للمساعدة في التعامل مع الحالة، إنه "يكاد يكون من المستحيل القضاء على الفطر باستخدام الأدوية المضادة للفطريات المتوفرة حاليًا".

وصرحت لمجلة العلوم "نيو ساينتست": "أحد الأشياء التي تجعل كانديدا أوريس مخيفة للغاية هي حقيقة أنها يمكن أن تبقى على الأسطح غير الحية لفترات طويلة وتتحمل كل ما ترميه عليها. من الصعب للغاية احتواء حالات تفشي المرض في المستشفيات بمجرد انتشار الفطريات".

وكان تفشي المرض في عام 2018 في مستشفى إسباني أكثر حدة، حيث أصيب 372 شخصا بالفيروس، وأصيب 85 بالعدوى الفطرية القاتلة المنقولة بالدم. ومن بين هؤلاء، توفي 41 في المائة في غضون شهر واحد.

وبعد وفاة مريض جراء العدوى في مستشفى ماونت سيناي ببروكلين بنيويورك، كان على المسؤولين هدم غرفته تقريبًا للقضاء على الفطريات.

قال الدكتور سكوت لورين ، رئيس المستشفى لصحيفة "نيويورك تايمز": "كان كل شيء إيجابيًا - الجدران ، السرير، الأبواب، الستائر، الهواتف، المغسلة، السبورة البيضاء، الأعمدة، المضخة، المرتبة، وسكك السرير ، وفتحات العلبة، وظلال النوافذ، والسقف، كل شيء في الغرفة كان إيجابيًا".

ولا يعد "كانديدا أوريس" التهديد الوحيد. تمامًا مثل "الجراثيم الخارقة" المقاومة للمضادات الحيوية، تطور الفطريات سلالات لا يمكن التغلب عليها.

وحذر محمود غنوم، المتخصص في الأمراض الفطرية بجامعة كيس ويسترن ريزيرف في أوهايو، من أن "نشهد الآن سلالات تقاوم جميع فئات مضادات الفطريات. لطالما كان لدينا بكتيريا مقاومة للأدوية المتعددة، لكن لم يكن لدينا موقف مع الفطريات حتى الآن".

وقد تكون التغييرات في ممارسات الزراعة الجديدة "الأكثر اخضرارًا" التي تستخدم الكثير من السماد العضوي والنفايات الخضراء قد وفرت بيئات مثالية لتكاثر الفطريات.

وقال أرتورو كاساديفال من كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة في ماريلاند إلإن تغير المناخ دفع تطور "كانديدا أوريس" نحو شكل أكثر مقاومة للحرارة يمكن أن يزدهر داخل جسم الإنسان الدافئ نسبيًا".

أصوله غير معروفة 

لكن أصوله ليست معروفًا على الإطلاق. قال الدكتور توم تشيلر، الذي يدير قسم مكافحة الفطريات التابع للمركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها: "إنه مخلوق من البحيرة السوداء. لقد انتشر وهو الآن في كل مكان".

وأضاف: "أينما جاء هذا التهديد الجديد ، نحتاج إلى تطوير دفاع ضده. بمجرد وصول الكانديدا أوريس إلى مجرى دم ضحاياه، يمكن أن يكون مميتًا".

وعلى الرغم من صعوبة تحديد معدل الوفيات بدقة، نظرًا لأن الفطر الأكثر شيوعًا ينتشر في الأشخاص الموجودين بالفعل في المستشفى مع حالات أخرى، تشير الأرقام الصادرة عن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن ما يقرب من نصف الأشخاص المصابين بالفطر سيموتون في غضون 90 يومًا.

وقالت الدكتورة لين سوسا، نائبة اختصاصي الأوبئة في ولاية كونيتيكت، إنها ترى "كانديدا أوريس" على أنها "التهديد الأعلى" بين العدوى المقاومة. وأوضحت: "إنه شيء لا يهزم إلى حد كبير ويصعب تحديده".

وأصاب تفشي المرض في لندن عام 2016 أكثر من 70 شخصًا قبل أن تتمكن جوانا رودس وفريقها من احتوائه. بحلول بداية عام 2019، تم تأكيد أكثر من 260 حالة في بريطانيا.

تم تحديد آلاف الحالات الأخرى حول العالم. وقال محمود غنوم "إننا بحاجة إلى الاستعداد لمحاربة الوباء القادم قبل أن يبدأ".

وأضاف: "يعلمنا كوفيد – 19 كيف يمكن أن يظهر الوباء بشكل غير متوقع ليكون له آثار بعيدة المدى على صحتنا واقتصادنا وبنيتنا الاجتماعية".

وتابع: "نحن بحاجة إلى زيادة الاستثمار في البحث والتطوير ، وإعداد دفاعاتنا - ضد جميع أنواع مسببات الأمراض المعدية".