هناك لغط لدى بعض علماء النفس والتربية حول حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشرن وفرقوا بينهم في المضاجع".
فعلماء النفس لديهم حساسية مطلقة تجاه مسألة الضرب عمومًا, ويتحدثون عن الإرتباطات الشرطية المحتملة في هذه الحالة، وأن الطفل يمكن أن يكره الصلاة إذا ناله العقاب بسببها, وخطورة العقاب البدني, فهل كلامهم كله صحيح؟
أولًا: يجب أن نفهم ما يقصده الرسول صلى الله عليه وسلم بالضرب, فكما ورد في نصوص وتفسيرات أخرى، نفهم أنه نوع من العقاب الرمزي البسيط (بالسواك ونحوه كما ذكر ابن عباس)، الذي يوصل رسالة للطفل بدون أن يؤذيه، وهذا نوع من العقاب قد يحتاجه "بعض" الأطفال ذوي الاستجابات البطيئة، أو البليدة، أو المتأخرة، من تفشل معهم الدرجات الأدنى من التنبيه، والتوجيه، والعتا.
ثانيًا: السنة الفعلية للرسول تتبدى فيما أثر عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه لم يضرب بيده طفلًا أو امرأةً أو خادمًا، يقول أنس بن مالك: "خدمت رسول الله بضع عشرة سنة فما قال لي لشيء فعلته لم فعلته، ولا لشيء تركته لم تركته"، وهذا القول لأنس بن مالك رضي الله عنه، يبين مدى تأثير وسيلة "القدوة" في التربية النبوية، التي كفته عن التوجيه .
يقول دكتور سبوك في كتابه (تربية الأبناء في الزمن الصعب ص99): "إن الطفل الصغير في حاجة إلى عقاب بسيط، ولكن علينا أن نعرف أن العقاب البسيط ، يحتاج إلى هدوء وثبات، ولا يحتاج أن تجعل الطفل سببًا لكل منغصات حياتك، فتنفجر فيه، وكأنك تنهال ضربًا على كل ظروفك الصعبة".
فالعقاب إذًا، هو أحد وسائل التربية، وليس أهمها، بل ربما يكون أضعفها، إذ قسم علماء التربية الوسائل التربوية حسب أهميتها، بالقدوة، ثم الثواب، وأخيرًا العقاب.
د. محمد المهدي
أستاذ الطب النفسي - جامعة الأزهر
*بتصرف يسير
اقرأ أيضا:
إشكالية العلاقة بين الأبناء والآباء.. من يربي من؟!اقرأ أيضا:
هل يشابه أبناء المطلقين آباءهم ويستسهلون الطلاق؟