يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف الآية 46 : “المال والبنونَ زينةُ الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثوابًا وخير أملاً”.
وجاءت الباقيات الصالحات في سورة مريم أيضا في الآية 76: "وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا".
وقبل أن نتعمق لنتعرف على الباقيات الصالحات، والتي هي بشكل موجز، كما قال كثير من المفسرين وأشهرهم ابن عباس رضي الله عنه، أنها الأعمال الصالحة وأبرزها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نفكر قليلا في السر الذي فضل الله سبحانه وتعالى للمؤمن الباقيات الصالحات على المال والبنون، وهل من الممكن أن نؤمن فعلا مهما آتانا الله عز وجل من ملايين ننفقها وبنون نسعد بهم ونعتبرهم عزوتنا، أن نعتبر تلك الباقيات الصالحات خيراً مما نملك؟.
تتعلق المسألة هنا بقوة إيماننا، خاصة إذا كانت المواجهة بين ما نملكه في أيدينا، وما نؤمن به في قلوبنا، وبمعنى أصح بين ما هو ملموس (ثرواتنا وأولادنا) وماهو غيبي (إيماننا).
ما هي الباقيات الصالحات؟
أشارت الأحاديث النبوية للباقيات الصالحات وهي سُبْحَان الْلَّه، وَالْحَمْد لِلَّه، وَلَا إِلَه إِلَّا الْلَّه، وَالْلَّه أَكْبَر. [انظر تفسير الطبري (18/33-36)، تفسير ابن كثير (5/161-164)، تفسير القرطبي (10/414)]. وقد جاءت عليه العديد من الأدلة والأحاديث المرفوعة عن أبي سعيد الخدري وابي هريرة .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “ اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ “ قِيلَ : وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : “ الْمِلَّةُ “ ، قِيلَ : وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! ؟ ، قَالَ : “ التَّكْبِيرُ ، وَالتَّهْلِيلُ ، وَالتَّسْبِيحُ ، وَالْحَمْدُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ “
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ (عند الحاكم: مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ)، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ أخرج النسائي والحاكم وصححه .
اقرأ أيضا:
تعاني قلة الرزق وكثرة الديون .. احرص على هذه الأذكارفضل الباقيات الصالحات :
1/منجيات يوم القيامة :
من فضل ذكر الباقيات الصالحات الفوز بالجنة والنجاه من النار للعبد يوم القيامة . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ (عند الحاكم: مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ)، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ أخرج النسائي والحاكم وصححه .
2/أحب الكلام إلي الله سبحانه وتعالي :
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْت } . [رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (14/98) (2137) .
3/أفضل الأعمال الصالحة :
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ } [رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (17/17) ( 2695)
4/كثرة الحسنات :
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض }. [رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (2/75) (223)
5/محو السيئات :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنْ الْكَلَامِ أَرْبَعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ بِهَا عِشْرُونَ حَسَنَةً وَحُطَّ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَ لَهُ بِهَا ثَلَاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا ثَلَاثُونَ سَيِّئَةً }. [رَوَاهُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَل فِي مُسْنَده (8/122)
6/أفضل الأذكار :
فَعَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه }. [رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعِه (5/291) (3383)
7/لها ثواب الصدقة :
عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: { يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى } [رَوَاهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه (5/190) (720)
8/غرس شجرة في الجنة :
عنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: { لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ }. [رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ .
اقرأ أيضا:
بماذا كان يدعو رسول الله فى رمضان وغيره.. باقة من أدعية النبوة9/تستغفر الملائكة لقائلهن :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ أَتَيْنَاكُمْ بِتَصْدِيقِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، قَبَضَ عَلَيْهِنَّ مَلَكٌ، فَضَمَّهُنَّ تَحْتَ جَنَاحِهِ وَصَعِدَ بِهِنَّ، لَا يَمُرُّ بِهِنَّ عَلَى جَمْعٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يَجِيءَ بِهِنَّ وَجْهَ الرَّحْمَنِ. أخرج الحاكم والبيهقي .
10/غفرن الذنوب :
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سبح الله تعالى دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر). أخرجه مسلم .
11/إستجابة الدعاء :
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي خَيْرًا.
فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَقَالَ: «قُلْ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ». قَالَ: فَعَقَدَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى يَدِهِ، وَمَضَى فَتَفَكَّرَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَفَكَّرَ الْبَائِسُ».
فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، هَذَا لِلَّهِ، فَمَا لِي؟
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَعْرَابِيُّ إِذَا قُلْتَ: سُبْحَانَ اللهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُ أَكْبَرُ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ اعْفِرْ لِي قَالَ اللهُ: فَعَلْتُ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ ارْحَمْنِي قَالَ اللهُ: فَعَلْتُ، وَإِذَا قُلْتَ: اللهُمَّ ارْزُقْنِي قَالَ اللهُ: قَدْ فَعَلْتُ».
قَالَ: فَعَقَدَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى سَبْعٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ وَلَّى. أخرج البيهقي.
اقرأ أيضا:
رمضان شهر المغفرة .. هل أنت من الملّحين في الدعاء؟