لا يمكن لعاقل أن يعيش بلا غاية ومن يفعل فإنه يضيع قته وجهده ولا يخرج من الدنيا بشيء .. الأيام تمر فمن يغتنمها ويستثمرها ويحسن استغلالها هو العاقل حقا .. العاقل هو من يعمل لما بعد الموت.
العاقل من لا يسوّف في توبته ويجترئ على المعاصي ويبيع آخرته بدنياه.
أحيانا كثيرة ترى أشخاصا يعيشون ولا يعرفون ماذا يريدون ليس لهم غاية حتى ولو كانت دنيوية تحقيق منصب توفير أموال الحصول على بيت جديد أو غيره هو يعيشون فقط تسيرهم
الأيام وتتحكم في تشكيل رغباتهم وطموحاتهم.
حال المؤمن واعي يختلف كثيرا عما سبق فهو يعيش ويعلم لما يعيش ويعلم ما الذي يسعى له ويدرك جيدا إن كان قد اقترب من غايته التي هي رضا الله أو انه ابتعد لديه مقياس ويحاسب نفسه أولا بأول عن النتائج ما تحقق منها وما لم يتحقق.
حال المؤمن مع الدنيا:
المؤمن كما في الحديث كيس فطن.. فهو لا تسيره الأيام لكنه من يسيرها ويجعل قبلته موحدة وهو من يسعى لاستخدام كل الأدوات المتاحة له لرضا الله تعالى فإن تزوج فلله وإن أكل فلله وإن سافر او نام أو تصدق أو فلله .. ك هذا يجعل الدنيا تسير وراءه ويسهل الله له الأسباب ويوضع له القبول في الأرض لأنه وحد غايته فأحبه الله وجعل الناس يحبونه ففي الحديث: الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ قال: "إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.
ووضع القبول له في الأرض يعني أن قلوب العباد تحبه، إذا رآه أحد أحبه كما قال الله وهو أحد التفاسير المشهورة في الآية، في قوله تعالى عن موسى: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه:39] ما رآه أحد إلا أحبه، فوضْعُ القبول للعبد في الأرض دليل على محبة الله -تبارك وتعالى- له، والمقصود بوضع القبول له عند أهل الإيمان، وإلا فإن أهل الكفر لا يحبونه، فرعون لا يحب موسى قطعًا، والملأ من قوم فرعون ما كانوا يحبون موسى، وإنما القبول عند أهل الإيمان.
حال الصالحين مع الدنيا:
ومن الصالحين من أثر له حال مع الدنيا فهو يحاسب نفسه ويعاتبها فهذا إبراهيم التيمي يقول: "مثلت نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثلت نفسي في النار آكل من زقومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: أي شيء تريدين? قالت: أريد أن أرد إلى الدنيا فاعمل صالحًا".
اقرأ أيضا:
سلم أمرك لله.. كل شيء يحدث في أرض الله بمقدور الله اقرأ أيضا:
جبر الخواطر .. أعظم عبادة تقربك من الله .. فضائل لا تحصى لهذا الخلق تؤمن لك معية الرحمن في المخاطر