كان مشروكو وصناديد قريش يعيّرون النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعيش له ولد، فواساه الله تعالى بنزول سورة الكوثر " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر"، أي أن شانيه أبتر- أي مقطوع البركة والنسل.
وكان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له لو هلك استرحتم منه فنزلت، وقيل نزلت في أبي جهل.
وقيل غير ذلك فإن قيل إذا كان المستنقص هو الأبتر الذي لا ولد له كيف يستقيم ذلك في العاص بن وائل فإنه ذو ولد وعقب؟ - أولاده الصحبيان عمرو وهشام ابنا العاص- فكيف يثبت له البتر وانقطاع الولد؟.
اقرأ أيضا:
لا صراع بين حقين.. لماذا يذيق الله الناس بأس بعضهم بعضًا؟ (الشعراوي يجيب)فالجواب أن العاص وإن كان ذا ولد فقد انقطعت العصمة بينه وبينهم فليسوا بأتباع له، لأن الإسلام قد حجزهم عنه فلا يرثهم ولا يرثونه فهم أتباع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن العاص وإن كانوا أولاده فلن ينتفع بهم في الآخرة، حيث فرق بينهم الإسلام، فكانوا هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.
قال السهيلي قوله- عز وجل-: إن شانئك هو الأبتر، ولم يقل شانئك الأبتر ليضمن اختصاصه بهذا الوصف كما هو في مثل هذا الموضع يعطي الاختصاص مثل قول القائل إن زيدا فاسق فلا يكون مخصوصا بهذا الوصف دون غيره فإذا قلت إن زيدا هو الفاسق لا الذي زعمت فدل أن الحصر من يزعم غير ذلك.
كما خص النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجوز لأحد الخروج عن مجلسه صلى الله عليه وسلم إلا بإذنه قال الله تعالى: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه".
فقد روي أنه كان لا يصح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بعد ما يأخذ في الخطبة، وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بإصبعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيأذن لهم من غير أن يتكلم الرجل منهم، وكان إذا تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بطلت جمعته.