عزيزي المسلم، يا من تريد أن تتولى الخطابة في المسلمين يومًا، أو يا من بالفعل أقدمت على هذه الخطوة دون سابق معرفة بها، عليك أن تعلم جيدًا أن الخطابة فن، وأن إمامة المصلين فن.. وأن تلاوة القرآن فن.. فلا يجوز لمن لا يملك هذه الموهبة، أن يقدم على هذه الخطوة، حتى لو كان يعرف البعض من آيات الله عز وجل، وبعض الأحاديث النبوية، فالأمر لا يكفي.. لا يمكن مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الإمامة، لمجرد إسنادها إلى (موظف) يجيد التكرار ولا يجيد توظيف الكلمات، ولا استخدام الآيات والأحاديث في مواضعها الطبيعية كدليل أو سند، والأهم، لا يمتلك (الكاريزما) التي كان يمتلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم علمها لبعض أصحابه.. وانظر نقول (بعض) وليس كل أصحابه، رغم أنهم جميعهم كرام لكن ليس جميعهم كان يمتلك هذه الموهبة العظيمة (موهبة الخطابة).
للخطابة أصول
عزيزي المسلم، للخطابة أصول عليك أولا أن تقف عليها وتعرفها جيدًا قبل أن تقف على منبر، توجه الناس وتدفعهم إلى الخير، ليس هذا فحسب، بل ربما كلماتك كانت سببًا في تغير بعضهم (سواء للأفضل أو العكس).
لذا عليك أولا أن تقرأ كثيرًا عن خطب النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يوجه الناس، باللين والحسنى وليس بالصوت العالي، بالدليل والأسوة الحسنة، وليس بكثرة الكلام، فخير الكلام ما قل ودل، وعليك أن يكون (نفسك طويل)، لا تتحدث كلمة وتسكت، ثم تكمل، فقد يخرج المستمع عن انتباهه.
أيضًا ابدأ ببيتك، فإذا رأيت أنك أحسنت فيهم، فاستمر يومًا بعد يوم، واحذر أن كل كلمة تقولها إنما هي لك أو عليك، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما نزلت: « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » (الشعراء: 214)، صعد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي، لبطون قريش حتى اجتمعوا، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقًا، قال صلى الله عليه وسلم: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فكان ما كان».
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟الغلو في الدين
لا تغلو في دين الله، ولا تنادي بما لم يقله الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وإياك أن تفسر آيات الله حسب هواك، فالكلمة حق، فالزم الصدق بها، فلم يكن رسولنا أبدًا ذو غلو أو صاحب صوت عالٍ دون داعٍ، وإنما كان وسطًا يحب الخير لكل الناس، ولم يسيء لأحد قط، بل أنه صلى الله عليه وسلم كان يحزن إذا مات رجلا على غير دين الإسلام، ويقول: «فلتت مني نفس».. انظر وتعلم منه جيدًا، حتى لا تكون (فتنة) وليس خطيبًا يداوي آلام الناس بالكلمة، ويوجههم نحو الطريق الصحيح.