عزيزي المسلم، من المؤكد أنك لن تستطيع إصلاح العالم ولا عقول الناس.. لكن تستطيع إصلاح نفسك، فبها فابدأ، كما أنك لست ملزمًا بالخوض في كل حديث، ولا إبداء رأيك في الأمور، فالزم الصمت، أحيانًا ما يكون الصمت هو خير رأي وخير دليل.. وأيضًا لن تكون وصيًا على أحد مثلما لن ترضى أن يكون أحدًا وصيًا عليك، فلا تتدخل فيما لا يعنيك.
للأسف هذه الأيام ترى كثير من الناس، يهتم لأمر الناس أكثر من اهتمامه لأمره، وليس الاهتمام هنا بالمعنى الطيب، أي أنه يقوم على خدمتهم وراحتهم، وإنما الاهتمام بمعنى الانشغال والتربص بهم، ومتابعة أخبارهم، والوقوف على أخطائهم، وينسى خطأه هو، وإن ذكرته يقول لك: (كل الناس كدا)!.
ابدأ بنفسك
الأساس في الإسلام أن تبدأ بنفسك، عليك نفسك أولا لأن النفس أمارة بالسوء، كما أن الله عز وجل لم يحملك مسئولية إصلاح الكون، وإنما إن بدأت بنفسك، وكل شخص فينا فعل ذلك، في النهاية سينصلح الجميع، ومن ثم ينصلح حال الدنيا كلها.. كأن كل إنسان في الدنيا ترس من تروسها، فإن عطب أحدهم عطب الأمر كله.
عجبًا لأمر بعض الناس، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، بل ويصرون على أن الكل مخطئ وهم على صواب، كيف ذلك وأنتم تنسون أنفسكم، بل نسون قول الله تعالى: «أَتَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ أَنفُسَكُم وَأَنتُم تَتلُونَ الكِتَابَ » (البقرة: 44)، لماذا تقول ما لا تفعل؟.. وتخطيء ولا تريد أن يحاسبك الناس، وتريد أنت محاسبة كل الناس.. من أنت لتحكم بذلك، وكيف تنسى قوله تعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ » (الصف: 2، 3).
اقرأ أيضا:
أصبت بالاكتئاب بعد وفاة أمي وتعالجت لكنني انتكست .. ما العمل؟عظ نفسك
عزيزي المسلم، عظ نفسك، ولا تهتم أكثر بعظة الناس وتنسى نفسك، فتصل لمرحلة أن يعظك الشيطان، قال تعالى يوضح ذلك: «وَلَو أَنَّهُم فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبِيتًا » (النساء: 66)، وعليك أن تأخذ من هذه الآية مبدأ لحياتك، وأن تكون نبراسًا في كل أمور، قال تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ » (آل عمران: 133 - 136)، إن فهمت معناها جيدًا لن يشغلك حال الناس قدر اهتمامك بحالك.