يقول الكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق: «.. وتكتشف فجأة أنك لا تريد أن تكون الأفضل في هذا العالم ، وأن كل ما تريده هو أن تجلس هادئ البال معتدل المزاج».. بالتأكيد هناك الكثير ممن يتمنون أن يصلوا لمراحل بعيدة من التفوق أو الشهرة على مستوى العالم، لكن أيضًا هناك البعض، من فهم حقيقة الدنيا، وحقيقة زخرفها، واختار أن يجلس بعيدًا على كرسي وحيدًا، وأمامه كوب من القهوة، هادئ البال ومعتدل المزاج.. وكأن الدنيا كلها لا تعنيه، ولا يعنيه من أمرها شيئًا مهما كان!.
أيهما الأفضل إذن؟.. لو تدبرت هذا الكلام جيدًا، ستجد نفسك تلقائيًا تختار أن الثاني، (صاحب البال الرايق)، الذي لا يأبه لكل ما في الدنيا من مغريات، لأن هناك أمرًا واحدًا فقط يشغله، وقد حققه في قلبه فنال الرضا، وهو رضا الله عز وجل، فمن ذا الذي يعنيه صخب الدنيا، إذا لم تكن الدنيا من الأساس بقلبه!.
عابر سبيل
عزيزي المسلم، اسرح بخيالك، وتصور نفسك تجلس على كرسي وحيدًا، تحتسي القهوة الدافئة، ولا يهمك العالم كله ماذا حدث فيه.. أليست هذه أجمل أحاسيس في الدنيا!.. ألم تشعر بأنك ملكت الدنيا بأسرها؟.. لكي تصل إلى هذه المرحلة العظيمة، عليك أن تكون في الدنيا كعابر سبيل.. هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.. أما أن تشغلك هي بزينتها، فلن تنام عنها، ولن يغمض لك جفن، ولن تصل فيها أو تأخذ منها في النهاية إلا ما قدر لك.. وهذا أعجب ما في الحياة، أن يعلم كل الناس أنهم لن يأخذوا من الدنيا سوى ما قدر لهم، ومع ذلك يتقاتلون عليها!.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟اسأل نفسك.. من تريد؟
عزيزي المسلم، اسأل نفسك.. من تريد؟.. هل تريد الدنيا أم الآخرة، فأيهما ستختار ستجد نفسك، لكن مع اختيار الأولى، لن يصيبك منها إلا ما قدر لك، أما مع اختيار الثانية فستأتيك الدنيا راغمة، يقول الله سبحانه وتعالى « مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ » _ أي الدنيا _ « عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا » (الإسراء: 18، 19)، الأمر بين يديك، إما أن تكون من أهل الأولى ونهايتها كما ذكرها الله عز وجل (ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ)، أو الثانية فيشكرك ربك على سعيك!.