يقول الروائي والكاتب الروسي الشهير ميخايلوفيتش دوستويفسكي: «يحدث أحياناً أن نلتقي بأشخاص لا نعرفهم البتة و مع ذلك نشعر بالإهتمام بهم وبدافع يقربنا منه قبل أن نبادلهم كلمة واحدة».. هذا الشعور لاشك حقيقي جدًا، ربما يوميًا نلتقي بأحدهم ونشعر تجاهه بأمر غريب.. ليس فقط أن كل من يقابلنا ننفر منه.. فإذا نفرنا فالتصرف معروف وهو البعد.. ولكن ماذا لو كان العكس.. هل نقترب سريعًا دون أي حسابات أم ننتظر حتى نعرفه على حقيقته كاملة، خوفًا من أن ننخدع فيه.
هذا الشعور بالتأكيد له علاقة بالأرواح .. فهي تتلاقى كما تتلاقى الأعين.. لكن من المهم جدًا ألا تعطى لهذا الشعور أكبر من حجمه .. لأنه مجرد ارتياح ومجرد أناس تطمئن لوجودهم حولك وفقط ..
عالم المشاعر
ربما قربك أكثر وأكثر يغير شعورك هذا بالكلية تجاه هؤلاء الناس.. لذا كن حريصًا ولا تندفع.. لأن هذه المشاعر عالم كبير، واكتشافها ليس بالأمر الهين.. خصوصًا إذا كنا لا نعرف الكثير عن هؤلاء الأشخاص.. فتكون النتيجة (لخبطة) لا تنتهي.. وحيرة لا تعرف مداها.
المشاعر بالأساس نعمة ورحمة ولطف من الله عز وجل .. لذا عزيزي المسلم حاول أن تستمتع بأي شعور طيب جميل تشعر به، ولو بهدوء أو مجرد ابتسامة عابرة..
ولنعلم أن القلوب والأرواح إنما تلتقي وربما لأول وهلة ترى فيها أحدهم، تشعر بأنك تعرفه منذ فترة، فإذا مررت بهذه التجربة، فابتسم واستقبلها بنفس راضية، لكن دون مبالغة.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين، فود لو خرجت - يعنى: نفسَه - والله يحب لقاءه، وإن المؤمن يُصعد بروحه إلى السماء، فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض، فإذا قال: تركت فلانًا في الدنيا أعجبهم ذلك، وإذا قال: إن فلانًا قد مات، قالوا: ما جيء به إلينا».
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟انسجام
لقاء الأرواح.. يعني الانسجام الفكري والنفسي، ربما هذا صحيحًا.. لكن المبالغة قد تحوله إلى تنافر أيضًا نفسي وفكري، وهذا يحدث بلاشك في الدنيا، أما في الآخرة فإن الأوراح تتزاور وتتلاقى لاشك، فمن كان محسنًا التقى بالمحسنين، والعكس صحيح والعياذ بالله.. قال الله تعالى: « وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا » (النساء: 69).