عزيزي المسلم، ليس من الضروري أن تملك المال الكثير حتى تكون (غنيًا)، وليس من الضروري أن تكون مقتدرًا حتى تصبح ( نزيهًا ).. وليس من الضرورة أيضًا أن تتذوق كل شيء حتى تصبح ( شبعانًا ).. لأنه باختصار الغنى والنزاهة والشبع .. أحاسيس ليس لهم أي علاقة بالكم ..
هذه الأحاسيس لها علاقة بمن تكون أنت.. بتكوينك .. بمعاييرك .. بقيمك .. بترتيب أولوياتك .. بحجم الدنيا وتفاصيلها لديك .. بقيمة الحرية عندك .. بدرجة احترامك لنفسك .. باعتزازك بنفسك .. برُقيك .. بشياكتك .. بمفهومك للعطاء .. وفوق كل هذا بثقتك بالله عز وجل.. فإذا استطعت أن تقف على حقيقة كل هذه الصفات لديك، وصلت إلى هدفك الحقيقي، وعرفت نفسك بحقيقتها، بعيدًا عن أي زيف أو خداع، وبالتالي تصل إلى الغنى الحقيقي وهو غنى النفس.. والنزاهة الحقيقية وهي في أخلاقك وطباعك.. والشبع الحقيقي، وهي في قناعتك ورضاك بما قسمه الله لك.
الغنى الحقيقي
عزيزي المسلم، الغنى الحقيقي هو قدرتك على الاستغناء بالله وفقط.. وإيمانك الحقيقي بأن قيمتك الحقيقية برصيدك من أخلاقك وأعمالك .. والأثر الذي بالتأكيد ستتركه .. وإيمانك بأن الله بالفعل هو الرزاق ذو القوة المتين وليس أحد غيره مهما كانت سلطته.. وأنه سبحانه خلقك حُر عزيز .. ولست أسيرًا لشهواتك وغرائزك، وإنما تستطيع التمييز بين الأمور، وبين الحق والباطل، والصواب والخطأ.
فهذه جملة (الله أكبر)، نرددها يوميًا كثيرًا .. لكن قليل منا فقط من يدرك معناها الحقيقي.. بأن الله عز وجل أكبر من كل سلطان، وأكبر من كل مال، وأكبر من كل غنى مهما كان.. وأن من تبعه إنما وصل ولم يصل طريقه أبدًا، بينما من حاد عن هذا الطريق ضل لاشك.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟عزك الحقيقي
إذن عزك الحقيقي، عزيزي المسلم، هو في الاستغناء بالله عز وجل، فلا يغرنك بعض المال، أو بعض الشبع، لأن جوع النفس وشراهتها أمر، يبين ذلك حديث سهل بن سعد، قال: جاء الأمين جبريل عليه السلام، إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس».. كما أثنى الله عز وجل على بعض من المسلمين لتعففهم بقوله تعالى: « لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا » ( البقرة 273).