كان العلماء الذين اشتهروا بالورع والزهد، يخرج منهم الكلام والنصيحة كاللؤلؤ، وذلك لأنهم لم يروا شيئا أكبر من الإخلاص لله، فعظموه في قلوبهم، فعظمهم الناس في نفوسهم.
من أبرز أقواله:
يقول ابن المبارك : لأن أرد درهما من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف ومائة ألف، حتى بلغ ستمائة ألف.
وقيل له : ما التواضع؟ قال: التكبر على الأغنياء.
وسئل عن الورع فقال : لو تورع رجل عن مائة شيء ولم يتورع عن شيء واحد لم يكن ورعا.. ومن كان فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين.. أما سمعت الله تعالى قال لنوح عليه السلام لما قال: " إن ابني من أهلي" فقال الله تعالى: " إني أعظك أن تكون من الجاهلين".
وكان يقول: لا يقع الكسب على العيال شيء، ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل.
ويقول سليمان بن داود قال: سألت ابن المبارك من أفضل الناس؟ قال: العلماء، قلت: فمن الملوك؟ قال: الزهاد، قلت: فمن السفلة؟ قال: الذين يأكلون بدينهم.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟كرم لا حدود له
وكان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو فيقولون: نصحبك يا أبا عبد الرحمن فيقول لهم: هاتوا نفقاتكم. فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلواء.
ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صاروا إلى المدينة قال لكل رجل منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة، من طرفها؟ فيقول: كذا. ثم يخرجهم إلى مكة فإذا وصلوا إلى مكة فقضوا حوائجهم قال لكل رجل منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا.
فيشتري لهم ويخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم حتى يصيروا إلى مكة فإذا وصلوا إلى مرو زيّن أبوابهم ودورهم.
فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم فإذا أكلوا وشربوا دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه.