كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويبادل صاحبها بهدايا أخرى، بأحسن منها، حيث كان يحرص صلى الله عليه وسلم على حفظ مشاعر الىخرين، ويقبل هداياهم على قدر حاجتهم.
الهدية تذهب وحر الصدر
وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تخرج من عند عائشة رضي الله عنها، ومعها شيء تحمله، فقال لها: طعاما هذا؟
قالت: أهديت لعائشة، فأبت أن تقبله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ألا قبلته منها مرة واحدة؟".
قالت: يا رسول الله، إنها محتاجة وإنها كانت أحوج إليه مني، قال: : فهلا قبلته منها وأعطيتها خيرا".
ومن أخلاقه صلى الله عليه وسلم كان يقول: الهدية تذهب وحر الصدر.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: :" لو أهدي إليّ ذراع لقبلت ولو دعيت عليه لأجبت".
ومن آدابه أنه كان صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إلى عمر صاحب الهدية أو حاملها، فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: كانت أمي تبعثني بالهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشيء فيقبلها مني.
وكان يحرص عليه السلام على جبر خاطر صاحب الهدية ويقدر حالته ودواعيه النفسية فقد قال أيضا الصحابي عبد الله بن بسر: بعثتني أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطف من عنب فأكلته، فقالت أمي: هل أتاك عبد الله بقطف؟ قال: لا، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآني قال: "غُدَر غُدَر"، يمازحه بذلك.
وفي رواية أخرى أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقطف من العنب، فناولت منه فأكلته قبل أن أبلغه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما جئته مسح على رأسي، وقال: " يا غدر".
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاهدية النبي لإعرابي
وأهدى أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فأثابه عليها، قال، أرضيت؟، قال: لا، فزاده، قال: أرضيت؟ قال: لا، فزاده، قال: أرضيت؟ قال: نعم؟.
وكان رجل يلقب حمارا وكان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم العكة من السمن والعكة من العسل، فإذا جاء صاحبها يتقاضاه جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: يا رسول الله، أعط هذا ثمن متاعه فما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يتبسم أو يأمر به فيعطى.
كما كان يراعي صلى الله عليه وسلم الفوارق الاجتماعية في قبول الهدايا، حيث تقول عائشة- رضي الله تعالى عنها- : أهدت أم سنبلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبنا فلم تجده، فقلت لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا أن نأكل من طعام الأعراب.
فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه، فقال: " ما هذا معك يا أم سنبلة".
فقالت: لبنا أهديته لك يا رسول الله، فقال: " اسكبي، أم سنبلة" ، فسكبت فنادى عائشة، فناولها فشربت فقال: " اسكبي أم سنبلة" ، فسكبت فناولته رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب.
فقالت عائشة: فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبن أسلم، ثم قالت: قد كنت حدثت أنك قد نهيت عن طعام الأعراب، فقال: يا عائشة، هم ليسوا بأعراب، هم أهل باديتنا، ونحن أهل حاضرتهم، وإذا دعوا أجابوا.