لهذا استحق يوم النحر أن يكون العيد الأكبر (حكم ولطائف)
بقلم |
عامر عبدالحميد |
الثلاثاء 18 يونيو 2024 - 02:13 م
العيد هو يوم الفرحة، ولا توجد فرحة أكبر لدى المسلم أكبر من غفران ذنوبه. مرّ قوم براهب في دير فقالوا له: متى عيد أهل هذا الدير؟ قال: يوم يغفر لأهله.
ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن طاعاته تزيد
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي : ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن طاعاته تزيد.. ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب إنما العيد لمن غفرت له الذنوب.. في ليلة العيد تفرق خلق العتق والمغفرة على العبيد فمن ناله فمنها شيء فله عيد وإلا فهو مطرود بعيد. أما عيد النحر وهو أكبر العيدين وأفضلهما وهو مترتب على إكمال الحج وهو الركن الرابع من أركان الإسلام ومبانيه فإذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم وإنما يكمل الحج بيوم عرفة والوقوف بعرفة فإنه ركن الحج الأعظم كما قال صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة". ويوم عرفة هو يوم العتق من النار فيعتق الله من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده لا شتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة. ولم يشترك المسلمون كلهم في الحج كل عام رحمة من الله وتخفيفا على عباده فإنه جعل الحج فريضة العمر لا فريضة كل عام وإنما هو في كل عام فرض كفاية بخلاف الصيام فإنه فريضة كل عام على كل مسلم فإذا كمل يوم عرفة وأعتق الله عباده المؤمنين من النار اشترك المسلمون كلهم في العيد عقب ذلك وشرع للجميع التقرب إليه بالنسك وهو إراقة دماء القرابين. فأهل الموسم يرمون الجمرة فيشرعون في التحلل من إحرامهم بالحج ويقضون تفثهم ويوفون نذورهم ويقربون قرابينهم من الهدايا ثم يطوفون بالبيت العتيق. أما أهل الأمصار يجتمعون على ذكر الله وتكبيره والصلاة له، ثم ينسكون عقب ذلك نسكهم ويقربون قرابينهم بإراقة دماء ضحاياهم فيكون ذلك شكرا منهم لهذه النعم والصلاة والنحر الذي يجتمع فيعيد النحر أفضل من الصلاة والصدقة الذي في عيد الفطر. لهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل شكره لربه على إعطائه الكوثر أن يصلي لربه وينحر وقيل له قل: "إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". وقد قيل: يا رسول الله ما هذه الأضاحي قال: "سنة إبراهيم" قيل له: فما لنا بها؟ قال: "بكل شعرة حسنة" قيل: فالصوف؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة". فهذه أعياد المسلمين في الدنيا وكلها عند إكمال طاعة مولاهم الملك الوهاب وحيازتهم لما وعدهم من الأجر والثواب.