أخبار

لمن يعانون الأرق.. نصيحة "غير عادية" للنوم خلال دقائق

دراسة: فرشاة الأسنان ورؤوس الدش مليئة بفيروسات هائلة

كيف يتسلل إليك الشيطان ويسيطر عليك دون أن تشعر؟

ثمانية أمور لا تصح الصلاة بها.. تعرف عليها

لو خايف من المستقبل وأزماته.. عليك بهذه العبادة تكون في معية الله

لا تدع الإحباط يسيطر عليك.. وتعامل معه بهذه الطريقة

أفضل ما تدعو به بظهر الغيب لأحبابك وأصدقائك

صراع يحسمه الأنبل.. كيف أثر لص سجين على "بن حنبل" في تمسكه بالحق؟

هكذا تعين الشيطان على أخيك العاصي.. فكيف تغير وجهته؟

قبل أن تتحول لمريض نفسي.. كيف تأخذ بأسباب النجاح وتترك الحسد؟

من طلاقة القدرة.. الاختلاف بين البشر والتأليف بين الأجناس المتباعدة تآلُفَ مصلحة وانتفاع (الشعراوي)

بقلم | فريق التحرير | السبت 18 يوليو 2020 - 02:12 م


"الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (فاطر: 1)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


تعرَّضنا للسور التي بُدئت بالحمد لله، وهي: الأنعام، والكهف، وسبأ. وهنا في فاطر، والحمد في كل منها له معنى وله مناسبة؛ لأن الإنسان احتاج إلى إيجاد من عدم، ثم وسائل إبقاء في الحياة الدنيا، ثم احتاج إلى إيجاد بعد البعث، وأيضاً وسائل إبقاء في الآخرة.

فسورة الكهف تعرضت لحمد الله على المنهج { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ.. } [الكهف: 1]؛ لأن المنهج هو وسيلة الاستبقاء للإنسان، فلولا أن المنهج يُبيِّن للناس الحق والباطل لتفاني الخَلْق، وما استقامتْ لهم الحياة، أما سورة سبأ فتعرضت لحمد الله على نعمه في الدنيا وفي الآخرة.

وهنا في فاطر: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } [فاطر: 1]؛ فذكرتْ الحمد على وسائل الإبقاء كلها، المادي منها المتمثل في مُقوِّمات الحياة المادية، والمعنوي منها المتمثل في منهج الله.

الحمد بكل صيغة راجع إلى الله تعالى


والحمد على إطلاقه لله تعالى، حتى إنْ توجه للبشر، فمردُّه إلى الله، لأنك حين تحمد البشر تحمده على شيء قدَّمه لك، هذا الشيء ليس مِنْ مِلْكه في الحقيقة، ولا من ذاته، إنما هو من فيض الله عليه، فهو مناول عن الله، وإنْ قدّم لك عملاً فإنما يقدِّمه بالطاقة التي خلقها الله فيه، وبالجوارح التي انفعلتْ بخَلْق الله فيه، إذن: فالحمد بكل صيغة راجع إلى الله تعالى.

ثم يأتي بحيثية من حيثيات حَمْد الله، فيقول: { فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [فاطر: 1] ومعنى فاطر السماوات والأرض: خلقها ومُبدعها على غير مثال سابق يُحتذى به، وهذه مسألة تستحق الحمد؛ لأن الله تعالى كرَّم الإنسان الخليفة في الأرض، فسَوَّدهُ على سائر الأجناس وكرَّمه بالعقل الذي يختار بين البدائل.

وبعد ذلك بيَّن سبحانه إنْ كان خَلْق الإنسان مُعْجزاً، وإن كان هو السيد المخدوم من جميع الأجناس، فإنَّ خَلْق السماوات والأرض أكبر من خَلْق الناس وأعظم؛ لذلك لما تكلم سبحانه عن حمد الله ذكر أكبر المخلوقات وأعظمها، وهي السماوات والأرض.

والسماء هي كل ما علاك، لذلك تُطلق على السحاب، فهو السماء التي ينزل منها المطر، كما قال سبحانه { فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } [القمر: 11] وليست هذه هي السماء المقابلة للأرض.

والله تعالى يقول في خلق السماوات السبع: { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } [الملك: 3] يعني: ليس بها فتوق أو شقوق، فكيف إذن تنزل الملائكة ومسكنهم السماء، كيف ينزلون إلى الأرض؟

قال الحق سبحانه وتعالى: { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } [القدر: 4].

الحق سبحانه يُقرِّب لنا وظيفة الملائكة، وأنها خاصة بالسماء صعوداً وهبوطاً، فقال في آية فاطر { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ } [فاطر: 1] فعملهم إذن في السماء، لكن كيف يَنْفُذون من السماء، وليس بها فتوق ولا شقوق، قالوا: ينفذون؛ لأن طبيعتهم الملائكية الشفافة تسمح لهم بذلك، فالإنسان مثلاً خُلِق من طين، والطين له جِرْم ومادة لا تمكنه أنْ ينفذ من شيء.أما الجن فقد خلقه الله من النار، وللنار أيضاً جِرْم ومادة، لكن ألطف وأشفّ من الطين؛ لذلك ينفذ الجن من الأشياء المادية، بدليل أنك لو جعلتَ مثلاً تفاحة خلف جدار، فإنك لا ترى شكلها، ولا تحسُّ طعمها ولا رائحتها، لكن لو أوقدتَ ناراً خلف هذا الجدار فإنك بعد قليل تُحِسُّ بحرارتها في الجهة الأخرى، وهكذا ينفذ الجن كما تنفذ الحرارة.


الملائكة مخلوقة من نور 


أما الملائكة فهي أرْقى الأجناس وأعلاها، خلقها الله من نور، وهو ألطف وأشفّ من الطين ومن النار؛ لذلك لا يحتاج النور إلى منافذ، أرأيتم مثلاً الأشعة التي تخترق الجسم وتعطينا صورة كاملة لما بداخله كالقلب أو غيره؛ هكذا الملائكة تنفذ لا يحجزها شيء.

وقوله سبحانه { جَاعِلِ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً } [فاطر: 1] الملائكة جنس من المخلوقات، قال الله عنهم: { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [الأنبياء: 26-27] والملائكة أقسام: فمنهم العَالُون، وهم المهيَّمون في الله، ولا عملَ لهم إلا عبادته سبحانه، وهؤلاء لا يدرُونَ شيئاً عن هذا الكون، ولا صلةَ لهم به؛ لذلك لما أَبَى إبليس أنْ يسجد لآدم كما أمره الله، قال الله له: { أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } [ص: 75].

ومن الملائكة قسْم له علاقة بالإنسان، وهؤلاء هم الذين أُمِروا بالسجود لآدم، وكأن الله تعالى يقول لهم: هذا المخلوق هو الذي ستكونون في خدمته، ومنهم: المعقبات، كما قال سبحانه: { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } [الرعد: 11] يعني: يحفظونه حِفْظاً صادراً من أمر الله، وإلا فالملائكة لا تمنع عن الإنسان أمراً قضاه الله عليه.

إذن: حِفظهم لنا حِفْظ من باطن حِفْظ الله لنا؛ لذلك يقولون مثلاً (العين عليها حارس)، ونرى مثلاً من يسقط من الطابق الثالث أو الرابع، ولا يصيبه مكروه؛ لأن الله سبَّب له أسباب النجاة، وحفظته الحفظة.

ومن هؤلاء المدبرات أمراً، الذين قال الله عنهم: { فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } [النازعات: 5] وهم الذين يُدبِّرون أمور الخَلْق بأمر الله، ومنهم الكتبة الذين يكتبون الأعمال: { كِرَاماً كَاتِبِينَ } [الانفطار: 11].

هؤلاء الملائكة جعلهم الله { رُسُلاً } [فاطر: 1] إما إلى الرسل من البشر يحملون إليهم منهج الله، وإما رسلاً منه سبحانه لمهامهم التي تتعلق بهذا الكائن الإنساني. ثم وصفهم فقال: { أُوْلِيۤ } [فاطر: 1] أصحاب { أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ } [فاطر: 1] وهذا الوصف دلَّ على صلة الملائكة بالجو والسماء، ومهمة الصعود والهبوط، وهذه الأجنحة ليس لها نظام ثابت، بل منهم مَنْ له مثنى، ومَنْ له ثلاث، ومَنْ له رُبَاع، بل ويزيد الله في ذلك ما يشاء { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } [فاطر: 1].

خَلْق الله ليس عملية ميكانيكية


وكأن الخالق سبحانه يقول لنا: إنْ كنتم لم تروْا إلا جناحين للطائر، فلا تتعجبوا ولا تنكروا أنْ يكون للملَك أكثر من ذلك؛ لأنه خَلْق الله الذي يزيد في الخَلْق ما يشاء، والذي له سبحانه طلاقة القدرة، فخَلْق الله ليس عملية ميكانيكية أو قوالب تُصَبُّ على شكل واحد، وخَلْق الله ليس مخبزاً آلياً يُخرِج لك الأرغفة متساوية.وتتجلى طلاقة القدرة في الخلق منذ خَلْق الإنسان الأول آدم عليه السلام، فإنْ كانت مسألة التناسل تقوم على وجود ذكر وأنثى، ومن هذه جاءت جمهرة الناس، فطلاقة القدرة تخرق هذه القاعدة في كل مراحل القسمة العقلية لها، فالله خلق آدم عليه السلام من لا أب ولا أم، وخلق حواء من أب بلا أم، وخلق عيسى عليه السلام من أم بلا أب.

فما دام أن الذي يزيد في الخَلْق هو الله، فلا تتعجب ولا تُكذِّب حين تسمع الحديث النبوي، قال صلى الله عليه وسلم: " رأيتُ جبريل وله ستمائة جناح " صَدِّق؛ لأنك لستَ مسئولاً عن الكيفية، إنما عليك أنْ تُوثق الكلام: صدر من الله أو لم يصدر، صَحَّ عن رسول الله أو لم يصح، كُنْ كالصِّدِّيق لمَّا حدثوه عن الإسراء والمعراج وقالوا: إن صاحبك يقول كذا وكذا، فقال الصِّديق: " إنْ كان قال فقد صدق".

لذلك، فالذين يبحثون في عِلَل الأحكام عليهم أنْ يَدَعُوا البحث فيها، ويكفي أنْ يُوثِّقوا مصدرها، فإنْ كانت من الله فعلىَّ أن أفعل لمجرد أن الله أمرني بذلك، فَعِلَّة الحكم أن الله أمر به، فهمتُ حكمته أو لم أفهم.

الالتزام بأوامر الله دون تعليل لها


ونرى بعض العلماء يحرصون على استنباط الحكم من كل عبادة من العبادات، فيقولون مثلاً، شرع اللهُ الصومَ ليدرك الغنيُّ ألمَ الجوع، فيعطف على الفقير، وهذا يعني أن الفقير لا يصوم، فالأقرب أنْ تقول: أصوم؛ لأن الله أمرني بالصوم.

فأنت مثلاً لا تسأل الطبيب لماذا كتب لك دواء كذا وكذا، بل تترك له هذه المهمة، وما عليك إلا أنْ تتناول الدواء، ولا يسأل الطبيب، ولا يناقشه في هذه المسألة إلا طبيب مثله، لكن هل هناك مُسَاوٍ لله فيسأله: لماذا فُرِض علينا كذا أو كذا؟

فقوله سبحانه { يَزِيدُ فِي ٱلْخَلْقِ مَا يَشَآءُ } [فاطر: 1] دليل على طلاقة القدرة التي لا يعجزها شيء، ومن طلاقة القدرة أنْ ترى الطويل والقصير، ولا تكاد تُفرِّق بين قامات الناس وهم جلوس؛ لأن منطقة الصدر والبطن متقاربة الطول، إنما تُفرِّق بينهم حال الوقوف؛ لأن معظم الطول في السيقان والأوراك؛ لذلك تنظر إلى رجلين وهما جالسان ترى طولهما واحداً، فإنْ قاما ظهر الفارق، وهذا يسمونه (الحبتر).

من طلاقة القدرة.. الاختلاف بين البشر 


من طلاقة القدرة اختلاف الخَلْق في الشكل، وفي اللون، وفي الطباع، وفي الذكاء؛ لذلك من وقت لآخر نرى طفلاً برأسين، أو بيد فيها ستة أصابع، أو دابة بخمسة أرجل، من طلاقة القدرة أن ترى هذا وسيماً معتدل الصورة، متناسق الأعضاء، كهؤلاء الذين تنطبق عليهم شروط القبول مثلاً في الكليات العسكرية أو البوليس، وترى آخر جبهته نصف وجهه، أو أنفه كذا وكذا.. إلخ، هذا جريء القلب، وهذا رعديد جبان، هذا فصيح اللسان، وهذا عَيى لا يكاد ينطق؛ لذلك يقول سبحانه { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ.. } [الروم: 22].

من طلاقة القدرة أنه سبحانه { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } [الشورى: 49-50].

من طلاقة القدرة أنْ يؤلف الله سبحانه بين الأجناس المتباعدة تآلُفَ مصلحة وانتفاع، ففي السودان مثلاً بيئة تعيش فيها التماسيح، ورغم ما عرفناه من شراستها إلا أن الله ألَّف بينها وبين الطيور، فجمعتهم مصالح مشتركة: التمساح يخرج إلى البَرِّ ثم يفتح فَاهُ، فيأتي الطائر ويدخل فم التمساح، ويُنظف له أسنانه ويتغذَّى على بقايا طعام التمساح ويخلِّصه من الفضلات، فإذا أحسَّ الطائر بقدوم الصياد صوَّت ليحذر التمساح، فتسرع إلى الماء، سبحان الله الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهدى.

إنك تتعجب من طلاقة القدرة حين ترى عنق الزرافة أو الجمل، وعنق الدب مثلاً، فكُلٌّ له ما يناسبه.


تذكرون أنه عندما تكلم العلماء عن الحواس، قالوا: الحواس الخمس. واحتاطوا للأمر وللزيادة فقالوا: الخمس المعروفة، وبالفعل عرفنا بعدها حواسَّ أخرى، كحاسة البَيْن التي نعرف بها مثلاً سُمك القماش، وعرفنا حاسَّة العَضل التي نعرف بها ثقل الأشياء.

كما أن أعضاء الإنسان وحواسّه تؤدي مهمتها مع اختلافها من شخص لآخر، فنحن جميعاً نرى بالعين، ونسمع بالأذن، ونشُم بالأنف وهكذا، لكن ألم تسمع؛ فلان هذا يسمع دبة النملة، وروى لنا التاريخ عن شخصيات كانت ترى لمسافات بعيدة على غير المعتاد، هذا كله زيادة في الخَلْق، يختصُّ الله بها مَنْ يشاء.



الكلمات المفتاحية

الاختلاف بين البشر خَلْق الله ليس عملية ميكانيكية الالتزام بأوامر الله دون تعليل لها

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled "الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَ