العلماء مختلفون في تعيين وقت ليلة القدر اختلافا كثيرا، وفي الفتح للحافظ ابن حجر بسط لهذه الأقوال وتسمية قائليها فليراجعه من شاء، ولعل الراجح إن شاء الله أنها تنتقل في ليالي العشر الأخير من رمضان، وهي في الأوتار آكد منها في الأشفاع، وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون. قال الشيخ العثيمين رحمه الله: والصحيح أنها تتنقّل فتكون عاماً ليلة إحدى وعشرين، وعاماً ليلة تسع وعشرين، وعاماً ليلة خمس وعشرين، وعاماً ليلة أربع وعشرين، وهكذا؛ لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول، لكن أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين، ولا تتعين فيها كما يظنه بعض الناس، فيبني على ظنه هذا، أن يجتهد فيها كثيراً ويفتر فيما سواها من الليالي.
تحديد وقتها في اليوم:
فإذا علمت هذا فإن ليلة سبع وعشرين هي الليلة التي يتلوها يوم السابع والعشرين، فإن الليلة تضاف لليوم الذي بعدها، وهذا معلوم لا يحتاج إلى استدلال، لكن استدل بعضهم له بقوله تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. {يــس:40}.
قال القاسمي رحمه الله في محاسن التأويل: قال الناصر في " الانتصاف " : يؤخذ من هذه الآية أن النهار ، تابع لليل ، وهو المذهب المعروف للفقهاء ، وبيانه من الآية أنه جعل الشمس التي هي آية النهار غير مدركة للقمر الذي هو آية الليل وإنما نفي الإدراك لأنه هو الذي يمكن أن يقع ، وذلك يستدعي تقدم القمر وتبعية الشمس ، فإنه لا يقال : أدرك السابق اللاحق ، ولكن : أدرك اللاحق السابق ، وبحسب الإمكان توقيع النفي ، فالليل إذاً متبوع والنهار تابع؛ فليلة القدر إن كانت هي هذه الليلة على قول أكثر العلماء فإنها تبدأ من بعد الغروب وتنتهي مطلع الفجر.