من أكثر الأمور التي تخنق الإنسان، أن «الذي يبات فيه.. يصبح فيه»، كما يقول أهل زمان، ومع الوقت يزداد الخناق حوله، حتى يصل به الأمر لأن يشكو من شكواه للناس.. فيشكو لنفسهخ من وصوله إلى هذه الحالة المذرية.. لأنه في الأغلب يتصور أنه غير راضٍ عن حياته.. مع أن هناك غيره يتمناها!.
خنقتك هذه شعور طبيعي وليس شرطًا أن يكون سببها عدم الرضا .. هي لها أسباب أخرى تمامًا .. وأهم سبب: أن تبقى تاركًا نفسك ليومك هو الذي يمشيك ويسيرك.. ربما تنجز فيه أحيانًا .. لكن إنجاز إلزامي دون تخطيط..
الروتين اليومي
روتينك اليومي، أصبح إلزامي لابد أن تذهب للعمل، لأن ذلك إلزامي عليك.. تريد الراحة قليلاً، ربما للهرب من عمل ما، تتابع مسلسل في التليفزيون ربما لإضاعة الوقت لا أكثر، تلعب على التليفون المحمول نفس الألعاب اليومية، حتى تمل.. وهكذا دواليك.. تصرفات رتيبة مكررة ويوم يجر يوم، ولا جديد.. فضلاً عن الأمور التقليدية الحياتية: (هات وانت وراجع .. وصلهم في طريقك .. اتكلم بدل ما أنت ساكت .. قوم بدل ما انت قاعد .. اقعد رايح فين .. خلص ده طالما فاضي ).. !!!
تجد نفسك مستهلك ولا تدري لماذا وكيف ؟!.. اليوم والظروف والناس .. الكل متحكمًا فيك .. طوال الوقت صراخ من حولك .. مشاوير .. حوارات ..كلام لا ينتهي .. نقاشات وممكن خناقات .. (متبهدل ومُنهك وخلصان ومش عارف على أيه) !
هذه هي حياتك .. إذن لابد أن تكون النتيجة أن تشعر بالخناق طالما كنت إنسانًا طبيعيًا وفطرتك سليمة، إذن إياك أن توهم نفسك بأنك تعيش في نعم لا تنتهي.. نعم أنت تعيش في نعم عديدة، لكن من الصعوبة بمكان أن تملك نعم الصحة والستر ولا تستطيع أن تستغلها.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟أسباب الخنقة
لماذا الخناق إذن.. لأن روحك خلقت لهدف معين.. فحينما تنشغل بأهداف أخرى .. تستهلكها في مكان ليس خاصتها، فلابد أن تشعر بخناق كبير، وضغوط توصلك للانفجار أو الحزن أو الاكتئاب مع الوقت .. مهما كنت حققت في حياتك!
فهذه (الخنقة) إنذار حتى تفيق ..
لكن ماذا بعد الإفاقة؟.. أن تعود لوظيفتك الأساسية، التي خلقت لأجلها، وظيفتك هذه هي أن تكون من ( عباد الرحمن ).
المولى عز وجل ذكر في القرآن صفات عباد الرحمن، وأول صفة فيهم، ولكننا لا نأخذ بالنا منها : «وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا »..
ماذا يعني (يمشون على الأرض هوناً )؟.. بالتأكيد ليست وصف لطريقة مشي .. وإنما هي وصف لشكل حياتك وسعيك فيها .. هوناً .. يعني بهدوء و رفق وسكينة، في كل خطوة تخطوها في الدنيا .. هدوء في التفكير والتخطيط والتنفيذ .. أناس يعلمون ماذا يريدون، وإلى ماذا هم ذاهبون، فيصلون إلى النقطة الهامة وهي ( سلاماً ) يعني أنه لا يمكن لأحد أن يجذبك عن طريقك وهدفك.. كل خطواتك محسوبة.. لو أدركت كل هذا وطبقته .. ستصل إلى النتيجة المرجوة: «أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسلاماً».