تضمنت سورة الكهف، عددًا غير محدود من  المعاني الجميلة والنبيلة، التي أراد الله عز وجل منها توجيه الناس، - عموم الناس وليس المسلمين فقط- إلى الطريق الصواب، ومن ذلك، ما تضمنته عن الفرق بين إرادة العبد، وإرادة الله عز وجل.
يقول تعالى: «أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ  لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا»، وقال أيضًا: «فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا»، وقوله سبحانه: «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا»..  ففي الأولى كانت إرادة الإنسان أن يحمي نفسه من أهل الشر بحيلة أن يعيب السفينة، وفي الثانية، كان اللجوء إلى إرادة الله عز وجل في أن يبدل الوالدين المؤمنين بابن أفضل وأقرب رحمًا، وفي الثالثة أيضًا إرادة الله عز وجل في أن يكبر الشابين ويحصلا على الكنز، إذن في  إرادة البشر هو علم واضح البيان، وأن استخدم معه الحيلة، أما في إرادة الله فهو الذي يعلم الغيب وأخفى.

إرادة الله

إذن نشاء مهما نشاء، ونريد مهما نريد،  لكن تظل مشيئة وإرادة الله عز وجل هي المسيطرة والقائدة، يقول تعالى يوضح ذلك: « قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ » (آل عمران: 40).
وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ » (البقرة: 253)، وقوله عز وجل: « ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ » (البروج: 16).
لذا إن أراد الإنسان أي شيء، عليه أن يخرج من حوله وقوته إلى حول الله عز وجل وقوته، فيسأله ما يشاء، وهو على يقين بأنه قادر عليه، وأن أمره بين الكاف والنون (كن فيكون)، حينها تأتي إرادة الله فوق كل الصعاب، تقتحم الجبال  والسلاطين والطغاة والجبابرة، وتنصف المظلومين.
فهذا نبي الله نوح عليه السلام، لم يكن يملك من حطام الدنيا شيء، لكنه رفع يده إلى السماء، وسأل الله أن ينجيه وأن يخسف بالكافرين، فكانت الإجابة أن أخذ الله كل الكافرين من الأرض، ولم يبق سوى المؤمنين به سبحانه.. إنها إرادة الله حقًا.

اقرأ أيضا:

من هم المسرفون الذي نهى الله عن طاعتهم؟ (الشعراوي يجيب)

إرادة البشر

للأسف إرادة البشر في كثير من الأحيان،  تحمل في طياتها الشر، بينما إرادة الله عز وجل لا تريد بالناس إلا الخير، كقوله تعالى: « يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ » (البقرة: 185)، وقوله أيضًا سبحانه: « مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ  لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ » (المائدة: 6).
إذن لا يمكن أن يريد الله عز وجل لنا إلا الخير، لكننا للأسف كثير منا ضل عن هذا الخير، ولم يعي أين ما يفيده، فخسر الكثير.. لكن من عاد على الدرب وجد الله عز وجل في انتظاره.. لأنه رحيم ودود.