تصدر شعار "
خليك في البيت" مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام على مستوى العالم في الوقت الحالي، لكنه يمثل كابوسًا للرجال خصوصًا الذين لم يعتادوا على البقاء في البيت، الذين كانوا إما في أشغالهم ووظائفهم صباحًا، أو في المقاهي والنوادي ليلًا، ولكن تغير الحال رغمًا عنهم مع انتشار وباء كورونا "كوفيد19" الذي حصد أرواح عشرات الآلاف وأصاب ما يوازي المليون شخص، الأمر الذي أصابهم بحالة من الملل، انتشرت معها تدوينات وتغريدات السخرية من البقاء في المنزل.
لكن ما الذي يمكننا فعله عند الشعور بالملل؟
الملل كلمة قد تقلب حياتنا إلى نوع من الروتين القاتل، نُجاهد لنستيقظ كلَّ يوم لنُواجه ذات الأعباء اليوميّة، عمل أو دراسة أو واجباتٍ منزليّة أو حتّى الاعتناء بأطفالنا وبعلاقتنا مع شريك الحياة، لكن أن تتحول كلمة الملل إلى البقاء في المنزل بشكل إجباري طوال اليوم، ولمدة طويلة نتيجة انتشار هذا الوباء، أدى إلى فقد الرجال لعزائمهم، بعد أن تم إغلاق كل شيئ في وجوههم.
غالباً ما يكون شعور الملل أمراً طبيعيّاً وغير خطير، إلّا أنَّه في حال "كورونا" أصبح مزمناً فقد يؤدِّي للإصابة بالاكتئاب ويتطوَّر لسلوكيات خطيرة كالتعاطي وشرب الكحول والشراهة.
وقد قام عدد من الباحثين من "جامعة يورك" في كندا بتعريف الملل بأنّه: "حالة من الرغبة في الانخراط بنشاطات معيّنة مرغوب بها مع عدم القدرة على ذلك".
تعريف الملل
اقرأ أيضا:
مختلفة مع زوجي حول ضرب أولادنا لتربيتهم.. ما الحل؟والملل عبارة عن شعور بعدم السعادة وينشأ نتيجة الصراع بين حاجة الإنسان إلى النشاط العقلي المكثَّف وبين عدم وجود الدافع لديه للقيام بهذا النشاط، أو عدم قدرته على حث نفسه على إنجاز الفعل.
وترى النظريات الحديثة أنَّ سبب شعورنا بالملل هو مواجهتنا صعوبة في تركيز انتباهنا على مشاعرنا أو أفكارنا أو على عوامل أخرى تقودنا إلى نشاط يُشعرنا بالاكتفاء، وبذلك يتكوَّن لدينا وعي بصعوبة تركيز انتباهنا فنبدأ بتوجيه اللوم عن حالتنا ومشاعرنا على البيئة التي تحيط بنا.
وحسب ما يقول الباحثون فإنَّ حالة الملل التي يعيشها الأشخاص قد تشجّعهم على التفكير بصورة إبداعيّة، لأنَّ الدماغ يقوم بإصدار إشارات بأنَّ حالتهم في ذلك الوقت تفتقد إلى شيء ما، ولذلك يجب الانطلاق للأمام للخروج من هذه الحالة. وبهذا فَهُم يُطلقون العنان لتفكيرهم ليساعدهم في ذلك.
و غالباً ما يصيب الملل نوعين من الناس، النمط الأوّل منهم، يكونون بطبيعتهم ذوي عقليات مندفعة، ويرغبون بشكل دائم في خوض تجارب جديدة. وبالتالي فإنَّ نمط الحياة الهادئ والثابت لا يكون كافٍ لخلق عنصر جذب قادر على الاستحواذ على انتباههم.
أمَّا النمط الثاني لشخصيّة من يميلون إلى الشعور بالملل، فيعانون من مشكلة تتناقَض تماماً مع تلك الخاصّة بالنمط الأوّل. حيث يكونون أكثر حساسيّة وخوفاً من التعرُّض للألم.
حلول لمواجهة الملل
هناك كثير من الحلول التي لا نريد أن نراها أو ندّعي أنَّ لا وقت لدينا للقيام بها، أهمها أن تنتهز الفرصة في الإقدام على التغيير في حياتك واستغلال فرصة الوقت المهدر في القراءة والإطلاع والمعرفة، وخاصة كل ما هو جديد، أو تجهله.
عملك مُمِل تشعر أنّك لست في المكان المناسب، يمكنك أن تختار أن تُغيّر وظيفتك الأمر يحتاج أحياناً إلى المخاطرة فقط. لكن ليكن بعلمك أنَّ أغلب الأشخاص يعانون من هذا الملل لأنَّ الإنسان ببساطة يعتاد ويُصبح المثير للفضول والسعادة أمراً عاديّاً مع الوقت.
علاقتك الزوجيّة مملّة؟ متى كانت آخر مرّة جلست فيها مع شريك حياتك بدون أن يُمسك كلّاً منكما جهازه الخلوي وتناقشتما في أمور عدا ما يحتاجه البيت والأطفال؟ متى كانت آخر مرة أخذتما فيها إجازة للترويح عن نفسيكما وتقضية أوقات ممتعة مع بعضكما البعض؟ متى كانت آخر مرة خرجتما مع صديق قديم أو تحدثتما معه عن أمور هامة حقّاً؟.
متّى كانت آخر مرّة جلست فيها مع طفلك دون أن تفكّر بالعمل أو تشغلك الحياة عنه؟ متّى كانت آخر مرة لعبت معه أو حتّى خصَّصت له وقتاً لتقضيه معه؟ .
يمكنك أن تقدّر كل لحظة من حياتك وأن تستيقظ كلَّ يوم لتجد أنَّ الله تعالى قد أعطاك هديّة "الحياة".
استمتع بكل لحظة كأنَّها لحظتك الأخيرة. قدّر قيمة ما تملك و ستجد أنَّ الحياة فيها الكثير من الأمور التي تستحق أن نكتشفها ونراها. يقول الشاعر محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".
جدّد صلتك بالعالم الخارجي.. أن نحس أن هناك صلة.. وأنَّ كل شيء في متناولنا.. وأنَّ كلَّ ما في الدنيا هو عبارة عن يد ممدودة لتصافحنا.