تتزايد حالات الإصابة بالتهابات المسالك البولية بشكل كبير، فيما يقدم الأطباء بعض النصائح البسيطة التي يمكن أن تساعد في الوقاية منها.
ويمكن أن تحدث التهابات المسالك البولية عندما تتمكن البكتيريا الضارة المحتملة - مثل الإشريكية القولونية - من الدخول إلى الجسم عبر مجرى البول.
وقد تؤثر على مجرى البول والمثانة والكلى، ومن هناك، يمكن للبكتيريا أن تسبب عدوى في مجرى البول نفسه، أو تنتقل إلى المثانة والكلى، مما يؤدي إلى التهاب يمكن أن يكون له عواقب وخيمة- مثل تلف الكلى الشديد.
تؤدي العدوى إلى كثرة التبول وسرعة التبول أكثر من المعتاد. كما يعاني العديد من المرضى من وجود دم في البول وألم في البطن أو أسفل الظهر.
مع ذلك، يقول الأطباء إن اتباع نصائحهم يمكن أن يساعد المرضى على تجنب الإصابة بالتهاب المسالك البولية تمامًا.
الترطيب الجيد
من المعتقد بشكل عام أن شرب عصير التوت البري هو المفتاح لتجنب العدوى المؤلمة، لكن الأطباء يقولون إن ما تحتاجه في الواقع هو ستة أكواب من الماء يوميًا فقط.
وتدعم هذه النظرية دراسة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية في عام 2018، أجراها باحثون في جامعة ميامي، قاموا بدراسة 140 امرأة في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث في أوروبا، وجميعهن يعانين من التهابات المسالك البولية المتكررة.
وكانت النساء معتادات على شرب أقل من ستة أكواب من الماء (سعة كل منها ثماني أونصات)، مما يشير إلى أن أجسامهن قد لا تكون رطبة بدرجة كافية.
وطوال فترة الدراسة التي استمرت 12 شهرًا، طلب العلماء من هؤلاء النساء زيادة كمية الماء التي يتناولنها بحيث أصبحن يشربن ستة أكواب على الأقل يوميًا.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يشربون كمية أكبر من الماء كانوا أقل عرضة للإصابة بالتهابات المسالك البولية.
وازدادت حالات التهابات المثانة لدى النساء اللواتي يعانين من قلة شرب الماء بمقدار الضعف تقريبًا على مدار العام. وبلغ متوسط تكرار الإصابة لديهن حوالي 3.2، مقارنةً بـ 1.7 لمن يشربن ستة أكواب أو أكثر من الماء يوميًا، بحسب ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل".
وتقول سوشما سريكريشنا، استشارية أمراض النساء والمسالك البولية في مستشفى لندن بريدج: "الترطيب الكافي أساسي للوقاية من التهابات المسالك البولية. أنصح بشرب ما لا يقل عن ستة إلى ثمانية أكواب من الماء يوميًا، مع العلم أنكِ قد تحتاجين إلى المزيد إذا كنتِ تمارسين تمارين رياضية مكثفة أو في الطقس الحار".
وأضافت: "يساعد الترطيب المناسب على تخفيف البول وزيادة وتيرة التبول، وهو أمر بالغ الأهمية لأنه يطرد البكتيريا من المسالك البولية قبل أن تتاح لها الفرصة للتكاثر وإصابة العدوى. فكر في الأمر باعتباره آلية تطهير طبيعية لمثانتك".
التبول بعد الجماع
يقول الخبراء إن التأكد من التبول بعد الجماع هو أمر أساسي للتخلص من العدوى المحتملة.
وتقول سريكريشنا: "إن التبول بعد ممارسة النشاط الجنسي بفترة وجيزة يعد أحد أكثر التدابير الوقائية فعالية المتاحة".
وفقًا لها، "قد يؤدي النشاط الجنسي إلى إدخال البكتيريا إلى مجرى البول، ويساعد إفراغ المثانة خلال 30 دقيقة بعد ذلك على إخراج أي بكتيريا قبل أن تتمكن من الانتقال إلى المسالك البولية".
وأضاف: "هذه العادة البسيطة يمكن أن تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية، وخاصة إذا لاحظت نمطًا من العدوى بعد العلاقة الحميمة.
ويحذر الأطباء من الجماع الشرجي، باعتباره أكبر عوامل خطر الإصابة بالتهاب المسالك البولية. فقرب البكتيريا الشرجية من المسالك البولية أثناء هذا النشاط يزيد بشكل كبير من خطر انتقال البكتيريا والعدوى اللاحقة.
النظافة
يقول الأطباء إن التعديلات البسيطة على روتين النظافة يمكن أن تساعده على تجنب التهابات المسالك البولية.
امسح دائمًا من الأمام إلى الخلف بعد استخدام المرحاض. هذه التفاصيل الصغيرة في ظاهرها حاسمة في منع انتقال البكتيريا من منطقة الشرج إلى مجرى البول. وهذا مهم بشكل خاص للنساء نظرًا لقرب هاتين المنطقتين من الناحية التشريحية، كما تقول سريكريشنا.
وتوضح أيضًا أنه يجب على النساء تجنب منتجات النظافة النسائية التي قد تسبب تهيجًا، بما في ذلك الغسول المهبلي والمساحيق والصابون ذو الرائحة القوية في منطقة الأعضاء التناسلية.
يمكن أن تُخلّ هذه المنتجات بالتوازن البكتيري الطبيعي وتُهيّج الأنسجة الحساسة. اختاري منتجات خفيفة وغير معطرة، وتذكّري أن المهبل ينظف نفسه ذاتيًا، فالممارسات الصحية القاسية غير ضرورية، وقد تُؤدّي إلى نتائج عكسية، بحسب سريكريشنا.
الملابس الداخلية التي ترتديها قد تؤثر أيضًا، فالأقمشة الضيقة أو غير القابلة للتهوية قد تسبب تراكم الرطوبة، مما يخلق بيئة مثالية لنمو البكتيريا. اختاري ملابس داخلية قطنية غير ضيقة جدًا.
تجنب مهيجات المثانة
يمكن لبعض المواد أن تزيد من حساسية المثانة وقد تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالعدوى وفقًا للخبراء. تشمل الكافيين والكحول والأطعمة الحارة والحمضيات والعصائر والمحليات الصناعية.
مع أن هذه المواد لا تسبب التهابات المسالك البولية مباشرةً، إلا أنها قد تُضعف دفاعات المثانة الطبيعية. إذا كنتَ عُرضةً للإصابة بالتهابات المسالك البولية، فكّر في الاعتدال في تناول هذه المواد، وراقب ما إذا لاحظتَ أي علاقة لها بالأعراض، كما تقول الآنسة سريكريشنا.
تناول البروبيوتيك
هناك أدلة ناشئة تشير إلى أن تناول مكملات البروبيوتيك قد يكون مفيدًا في الوقاية من التهابات المسالك البولية، وخاصة بالنسبة للأشخاص المعرضين للإصابة بالعدوى المتكررة.
النظرية وراء هذا النهج هي أن الحفاظ على التوازن الصحي للبكتيريا المفيدة، وخاصة العصيات اللبنية، في الجهاز البولي التناسلي قد يساعد في منع البكتيريا الضارة من إحداث العدوى.
وتقول سريكريشنا: "يبدو أن سلالات معينة من البكتيريا اللاكتوباسيلوس تلعب دورًا في الحفاظ على صحة ميكروبيوم المهبل والمسالك البولية، وربما عن طريق تثبيط نمو البكتيريا الضارة".
وأضافت: "ومن المرجح أن تتضمن الآلية الإقصاء التنافسي - حيث تشغل البكتيريا المفيدة المواقع التي قد تلتصق بها البكتيريا الضارة، وقد تنتج أيضًا مواد تمنع البكتيريا المسببة للأمراض".
وأشارت إلى أن "هناك بعض الإيحاءات بأن لاكتوباسيلوس كريسباتوس قد تكون فعالة بشكل خاص ضد التهابات المسالك البولية المتكررة، على الرغم من أن هذا البحث لا يزال في طور التطور".
هرمون الاستروجين المهبلي
ينصح الخبراء النساء، خاصة بعد انقطاع الطمث، باستخدام كريمات الإستروجين، لتقليل خطر الإصابة بالتهابات المسالك البولية.
وتقول سريكريشنا: "من الشائع أن يعاني الأشخاص بعد انقطاع الطمث من التهابات المسالك البولية المتكررة".
بعد انقطاع الطمث، تنخفض مستويات هرمون الإستروجين، مما يُخل بتوازن البكتيريا في المهبل والمثانة. كما أن انخفاض مستويات الإستروجين قد يُضعف أنسجة المهبل ويجففها، مما يجعلها أقل قدرة على منع البكتيريا من دخول مجرى البول.
يمكن أن يكون العلاج بالإستروجين المهبلي فعالاً للغاية وهو أحد أكثر استراتيجيات الوقاية المستندة إلى الأدلة المتاحة للوقاية من التهابات المسالك البولية عند النساء بعد انقطاع الطمث.
وأضافت: "يُستخدم الإستروجين المهبلي على شكل تحاميل مهبلية أو كريم، ويساعد على استعادة صحة وسلامة أنسجة الجهاز البولي التناسلي. يعتبر هذا العلاج آمنًا وفعالًا للغاية عند تناوله على المدى الطويل - من خلال الحفاظ على صحة هذه الأنسجة، يساعد الإستروجين المهبلي على إعادة تأسيس آليات الحماية الطبيعية التي تمنع استعمار البكتيريا".
ماذا تفعل إذا لم يختف التهاب المسالك البولية من تلقاء نفسه ومتى تلجأ إلى الطبيب؟
لى الرغم من أن التهاب المسالك البولية الخفيف قد يختفي من تلقاء نفسه، أو قد تشعر بتحسن مؤقت أو تقلب في الأعراض، إلا أن العدوى البكتيرية تتطلب عادةً علاجًا بالمضادات الحيوية المناسبة.
يمكن أن تتفاقم عدوى المسالك البولية غير المعالجة، مما يؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة مثل عدوى الكلى أو الإنتان، لذلك من الأفضل طلب المشورة الطبية إذا كنت تعاني من أي من الأعراض التالية:
تشمل الأعراض الشائعة الألم أو الشعور بالحرقان عند التبول، وزيادة وتيرة الذهاب إلى الحمام، ووجود دم في البول، وألم أسفل البطن أو الحوض، والحمى، والقشعريرة أو الشعور بالإعياء بشكل عام.
تشير هذه الأعراض إلى وجود عدوى بكتيرية، وتحتاج إلى تقييم طبي مناسب ووصفة مضاد حيوي.
يقول الأطباء إنه يجب على الشخص طلب العناية الطبية الفورية إذا ظهرت عليه حمى شديدة، أو ألم شديد في الظهر أو الخاصرة، وخاصة على جانب واحد، أو غثيان وقيء، أو ارتباك، أو حالة ذهنية متغيرة.
قد تشير هذه الأعراض إلى أن العدوى قد انتقلت إلى الكلى، وهي حالة خطيرة تتطلب علاجًا عاجلًا. قد تؤدي التهابات الكلى إلى تلف دائم في الكلى أو تعفن الدم إذا تُركت دون علاج.
في بعض الأحيان لا تتحسن الأعراض حتى بعد الانتهاء من دورة المضادات الحيوية، أو تعود بعد فترة وجيزة من العلاج.
في هذه الحالات، قد يطلب الطبيب إجراء مزرعة بول لتحديد نوع البكتيريا وتحديد المضادات الحيوية الأكثر فعالية. وقد يُحالك أيضًا إلى أخصائي لإجراء تقييم شامل، كما تقول سريكريشنا.