حالة من الحزن خيمت على منصات التواصل الاجتماعي في مصر بعد أن تداولت وسائل إعلام وناشطون، قصة السائق خالد شوقي عبدالعال، الذي افتدى بحياته سكان مدينة العاشر من رمضان، بعد أن اشتعلت النار في الشاحنة التي كان يقودها.
وكان خالد في طريقه لتفريغ شحنة من الوقود في محطة وقود بمدينة العاشر من رمضان، عندما اشتعلت النيران فيها بشكل مفاجئ نتيجة انفجار في خزان الوقود بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
في لحظات تحولت الشاحنة إلى كتلة من النار، مما دفع بالسائق إلى الانطلاق بها بعيدًا عن المناطق السكنية، في محاولة لمنع امتداد الحريق إلى خزانات الوقود داخل المحطة والتجمعات السكنية المحيطة بها.
إذ سرعان ما قفز خالد إلى مقعد القيادة، وتحرك بالشاحنة خارج محطة الوقود لمنع كارثة وشيكة كادت تحدث لولا سرعة تصرفه وشهامته النادرة، بينما كانت ألسنة اللهب تندلع من الشاحنة، كما أظهرت مقاطع فيديو متداولة للحادث، وسط تعالي الصرخات خوفًا من كارثة محققة.
ونجح قائد الشاحنة بالفعل في قيادتها غير مبال بعواقب ذلك على حياته، ضاربًا أروع الأمثلة في التضحية بحياته، من أجل إنقاذ حياة الآخرين.
فقد أصيب بحروق في جميع أنحاء جسده ليتم نقله إلى المستشفى في محاولة لإنقاذ حياته، حيث خضع للعلاج لعدة أيام قبل أن تلفظ أنفاسه وتصعد روحه إلى بارئها متأثرة بالحروق التي غطت جسده.
واستقبل الملايين على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، العمل البطولي من جانب قائد الشاحنة الراحل بإشادات واسعة، وأطلقوا عليه "شهيد الشجاعة".
شهيد الوطن
وأجرى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اتصالًا هاتفيًّا بأسرة السائق، الذي ضحّى بحياته، وأعرب عن خالص تعازيه وصادق مواساته لأسرة الشهيد البطل، مؤكدًا أن والدهم "شهيد الوطن" ضرب أروع الأمثلة في التضحية، وقدّم درسًا عمليًّا في الشجاعة والفداء.
وأشار إلى أن هذه النماذج البطولية ينبغي أن تُخلَّد في ذاكرة الوطن، مشددًا على أن أبواب الأزهر الشريف مفتوحة لهم في كل وقت. كما وجَّه الطيب قيادات الأزهر بالتواصل مع الأسرة والعمل على تلبية احتياجاتهم في أقرب وقت.
وتضرّع شيخ الأزهر بالدعاء إلى المولى عز وجل أن يرحم "شهيد الوطن"، ويتغمّده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يربط على قلوب أسرته، ويرزقهم الصبر والسلوان.
ونعى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في بيان رسمي، قائد الشاحنة الراحل، واصفًا إياه بأنه "قدّم نموذجًا للبطولة والتضحية حين افتدى بروحه المواطنين في حادث احتراق سيارة إمداد بالبنزين في منطقة العاشر من رمضان".
وأضاف أن تصرفه الإيجابي في موقف بالغ الخطورة "جنب الكثير من الضحايا والدمار، وحافظ على العديد من الأرواح والممتلكات".
وكلّف مدبولي، وزيرَيْ البترول والثروة المعدنية، والتضامن الاجتماعي، بالتنسيق لصرف مكافأة مجزية ومعاش استثنائي لأسرة السائق، وتكريمها، "على النحو الذي يعكس معاني التقدير لتضحيته، والعرفان لجسارته التي ستظل خالدة في الوجدان"، بحسب تعبيره.
إطلاق اسم السائق البطل على أحد الشوارع
وقرر رئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان إطلاق اسم السائق خالد محمد شوقي عبد العال على أحد شوارع المدينة، تخليدًا لذكراه وتكريمًا لموقفه البطولي الذي عبّر عن أسمى معاني الشجاعة والإخلاص في العمل، وتقديم مساعدة عاجلة بقيمة 50 ألف جنيه لأسرته، "عرفانًا بعمله البطولي الذي ساهم في حماية المدينة بأكملها".
كما أعلن وزير العمل محمد جبران، صرف مبلغ 200 ألف جنيه لأسرة الشهيد، دعمًا لها في هذه المحنة وتقديرًا لما قدمه خالد من تضحية خالدة.