تبين لجنة الفتوى بسؤال وجواب ان أفاضل من أهل الوعظ هذه القصة، وهي أنّ امرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشتهت الحلوى فادّخرت لذلك من نفقة بيتها حتى جمعت ما يكفي لصنعها، فلمّا بلغ عمر ذلك ردّ ما ادّخرته إلى بيت المال وأنقص من النفقة بقدر ما ادّخرت.
وهذه القصة لم نقف لها لا على أصل ولا سند.
وإنما ورد أن عمر رضي الله عنه كان يمتنع عن أكل الحلوى تورعا، من أجل أن يساوي نفسه بأدنى المسلمين طاقة؛ لأنه أميرهم، فتورع عن أكل مالا يستطيعه كثير من رعيته.
روى ابن أبي شيبة في "المصنف"، وغيره: عن أَبي مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: ( لَمَّا قَدِمَ عُتْبَةُ أَذْرَبِيجَانَ أُتي بِالْخَبِيصِ فَذَاقَهُ، فَوَجَدَهُ حُلْوًا، فَقَالَ: لَوْ صَنَعْتُمْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا، قَالَ: فَجَعَلَ لَهُ سَفَطَيْنِ عَظِيمَيْنِ، ثُمَّ حَمَلَهُمَا عَلَى بَعِيرٍ مَعَ رَجُلَيْنِ فَبَعَثَ بِهِمَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى عُمَرَ قَالَ: أَيَّ شَيْءٍ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا خَبِيصٌ، فَذَاقَهُ فَإِذَا هُوَ حُلْوٌ، فَقَالَ: أَكُلَّ الْمُسْلِمِينَ يَشْبَعُ مَنْ هَذَا فِي رَحْلِهِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَرُدَّهُمَا، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّكَ وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيكَ، وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّكَ أَشْبِعِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِكَ ).
وصححه محققو "المصنف".
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" والدارقطني في "السنن" (5/470): عن إِسْمَاعِيل بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ السُّلَمِيّ، قَالَ: ( حَمَلْتُ سِلَالًا مِنْ خَبِيصٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتْحَ بَعْضَهُنَّ ، فَقَالَ: يَا عُتْبَةُ ، كُلُّ الْمُسْلِمِينَ يَجِدُ مِثْلَ هَذَا؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا شَيْءٌ يَخْتَصُّ بِهِ الْأُمَرَاءُ ، قَالَ: ارْفَعْهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ … ).
وصححه محققو "المصنف"، والشيخ شعيب في تحقيقه للسنن.
والخلاصة:
لم نقف على خبر مسند يشير إلى منع عمر رضي الله عنه أهله من أكل الحلوى، لكن ورد امتناع عمر رضي الله عنه - لما كان خليفة - عن أكلها؛ لأنه رأى أنها ليست في طاقة كل من هم تحت ولايته