هل الحجامة الجافة مفطرة للصائم؟
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بسؤال وجواب أن الحجامة نوعان:
النوع الأول:
الحجامة الرطبة أو التشريطية ، وهي التي تتم عن طريق إخراج الدم الفاسد من الجسم عن طريق استخدام المشرط والأكواب التي تجذب الدم الفاسد من الجسم .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه الحجامة للصائم على قولين ، والراجح منهما أنها مفسدة للصيام.
وهو مذهب الحَنابِلة ، وبه قال إسحاق بن راهويه وابن المنذر وغيرهم.
واستدلوا بما جاء عن شدَّادِ بنِ أوسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ( أفطَرَ الحاجِمُ والمَحجومُ )
أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه البخاري في "العلل الكبير فقال: ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد بن أوس وثوبان كلاهما عندي صحيح.
وصححه علي بن المديني وإسحاق بن راهويه والإمام أحمد، كما في "تنقيح التحقيق" للذهبي.
وعللوا ذلك بأنَّه يَحصُلُ بالحِجامةِ ضَعفٌ شديدٌ ، يحتاجُ معه الصَّائِمُ إلى تغذيةٍ ..
واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية ، والشيخان : ابن باز وابن عثيمين - رحمة الله على الجميع.
وينظر: "الهداية" للمرغيناني و"المدونة" لسحنون و"المجموع"، و"الإنصاف" للمرداوي ، و"مجموع الفتاوى" لابن تيمية ، و"مجموع فتاوى ابن باز و"مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين .
النوع الثاني:
الحجامة الجافة ، وتسمى حجامة النار.
وهذه الحجامة تتم عن طريق إشعال النار باستخدام الورق أو الأعشاب داخل الكوب ، ثم ترك النار حتى تنطفئ تمامًا لتفريغ الكوب من الأكسجين.
ثم يبدأ الحاجم بوضع الأكواب على الجلد وتترك لمدة من الوقت من 5 إلى 20 دقيقة، بحسب الحاجة.
وعندما تبرد الأكواب فإنها تكُوّن بخارًا يعمل على توسيع الأوعية الدموية في الجلد ، عن طريق الضغط السلبي الذي يقوم بتجميع الدم في منطقة واحدة .
ويحدث الضغط السلبي على الجلد بطريقتين، وهما:
1- إشعال النار بداخل الأكواب قبل الاستخدام لتفريغها من الأكسجين.
2- استخدام جهاز موصل بالأكواب لجذب الهواء بعد وضعها على الجلد.
وبهذا يتبين أن الحجامة الجافة تختلف عن الحجامة الرطبة بأنه لا يتم فيها تشريط الجلد لاستخراج الدم منه.
وعليه : فإن هذه الحجامة لا تفطر الصائم ؛ وذلك لأمرين :
الأول: أن قوله صلى الله عليه وسلم : (أفطر الحاجم والمحجوم) قيل في الحجامة التي يتم فيها استخراج الدم من الجسم ، لأنها هي التي كانت تعرف في عصر النبوة .
الثاني: أن الحجامة الجافة لا يتم فيها إخراج الدم من الصائم ، وبالتالي فقد انتفت علة ضعف الصائم بسببها.
وقد نص العلماء على أن الحجامة إذا لم يخرج معها دم فإنها لا تفسد الصيام .
قال البهوتي رحمه الله :
"فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ لِمَ يُفْطِرْ ; لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى إذَنْ حِجَامَةً" انتهى، "شرح منتهى الإرادات" .
وقال ابن قاسم رحمه الله :
"وإن لم يظهر دم لم يفطر، لأنها لا تسمى إذن حجامة، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وضعف خلافه، وقال في الفروع: وهو متجه، وأنه ظاهر كلام أحمد والأصحاب" انتهى ، "حاشية الروض المربع".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قوله: أو حجم أو احتجم وظهر دم.
حجم أي: حجم غيره.
احتجم بمعنى طلب من يحجمه، فإذا حجم غيره أو احتجم، وظهر دم فسد صومه، فإن لم يظهر دم؛ لكون المحجوم قليل الدم ولم يخرج منه شيء لم يفسد صومه" الشرح الممتع".